من ملاحم الشموخ والعزة

معركة لفكالين بميلة.. وثقت جرائم المستعمر وبطولة أصحاب الأرض

معركة لفكالين بميلة.. وثقت جرائم المستعمر وبطولة أصحاب الأرض

استبسل المجاهدون في معركة “لفكالين” إلى جانبهم سكان المنطقة في صد العدو الفرنسي، الذي باغتهم بقواته العسكرية في محاولة لإجهاض الثورة التحريرية المجيدة بهذه المنطقة.

فقد كانت منطقة “لفكالين” التابعة حاليا لبلدية سيدي خليفة إبان الثورة التحريرية مركزا لقادة الثورة التحريرية بالجهة، وكانت تصدر منها التوجيهات السياسية والعسكرية نحو مختلف المناطق الأخرى، على غرار القرارم قوقة والميلية شمالا والتلاغمة والعلمة جنوبا.

وبالنظر إلى أن هذا “الدوار” البعيد إلى غاية اليوم عن التجمعات السكانية الكبيرة بمنطقة ميلة كان همزة وصل بين عديد المناطق الثورية، شنت القوات الفرنسية التي قدمت من عدة مراكز محيطة بالمنطقة هجوما مباغتا فجر يوم 31 ماي 1956 على المنطقة بعد أن حاصرتها من كل الجهات.

وحسب ما قاله من عايشوا الموقعة، فإن العدو الفرنسي استعمل أسلحة ثقيلة إلى جانب سلاح الطيران في ذلك الهجوم غير المتوقع، والذي كان ينوي من خلاله إبادة الجميع بمن فيهم المدنيين والأطفال.

وأضاف المتحدثون بأن قادة الثورة بتلك المنطقة وعلى رأسهم الشهيد البطل علي زغدود المدعو “سي علي لعواطي” من مواليد 1902 بميلة الذي كان بصدد تنظيم الهياكل القاعدية بها، وجدوا أنفسهم أمام خيار وحيد وهو المواجهة.

ورغم عدم تكافؤ القوة، استطاع “سي علي لعواطي” ورفاقه من المناضلين والمسبلين إلى جانب سكان المنطقة الذين احتضنوهم، أن يلحقوا خسائر “فادحة” بالعدو، فقد تمكنوا من إسقاط طائرة عمودية وقتل وجرح العديد من عساكر الاحتلال الفرنسي قبل أن يرتقوا شهداء.

وقد بلغ عدد شهداء تلك المعركة التي “كذبت رواية القضاء على الثورة” 41 شهيدا منهم القائد علي زغدود ومساعده المكي مشري وجبلي محمد وأبوه رابح.

أما من جانب المدنيين، فقد سقط العديد من النساء والأطفال في ذلك العدوان الذي عكس -حسب ذات المصدر- “همجية المستعمر الفرنسي” الذي لم يشف غليله رغم فرض سيطرته بل تمادى في عدوانه وقام بعمليات تقتيل جماعي وسلب، كما دمر كل ما وصل إليه.

ولم يسلم دوار لفكالين بعد تلك المعركة من الجرائم الاستعمارية. فمثلما ورد في النبذة التاريخية التي أعدتها عنها المنظمة الوطنية للمجاهدين بميلة، فقد وضع العدو الفرنسي المنطقة أمام أعينه وكان ينكل بسكانها كلما سنحت له الفرصة، حيث هاجم “الدوار” ثلاث مرات بعد 31 ماي 1956 وقتل العشرات خلالها، لتبقى تلك الجرائم الفظيعة حية في ذاكرة سكان المنطقة والجزائريين عامة.