ملاذ الباحثين عن  العلاج والطمأنينة , الحمامات المعدنية بولاية سطيف… بين إبداعات الخالق وإهمال اليد البشرية

elmaouid

هي مواطن للعلاج الإلهي والسكون النفسي، حيث يجد الزائر بين أحضانها كل ما ينشده من راحة وسكينة وطمأنينة، حيث أبدع الخالق في صنعها، فكانت بحق من خير ما صوَر الله في خلقه وأبدع في ملكوته.

 

حمام السخنة ..الواقع على مسافة 50 كلم جنوب شرق ولاية سطيف التي تعتبر مقصدا للعائلات القادمة من مختلف ولايات الوطن، والتي غالبا ما تفضل النزول بالحمامات المعدنية التي تعد كنزا سياحيا نادرا بالولاية .

حيث يقصدها الناس من أجل التداوي وكسر الروتين والاستمتاع في أرجاء الطبيعة الآمنة وجمال الغطاء النباتي المتميز بأنواع نادرة من النباتات المتمثلة في الغابات المنتصبة بوسط مدينة حمام السخنة والتي تبعث في الأجواء الساحرة بالمياه الساخنة المتدفقة من باطن الأرض بدرجة حرارة تفوق 50 درجة مئوية، وبفوائد طبية وعلاجية تستهوي الملايين من الزائرين خاصة لعلاج الأمراض (الروماتيزم)، الأعصاب، الأمراض الجلدية، أمراض العيون وبعض أمراض النساء، بحسب تقرير صادر عن مهندس المناجم الفرنسي “بازيليك” بعد قياسات للنشاط الإشعاعي الخاص بالمياه الحارة، لا سيما فيما يخص العلاج.

 

غياب هياكل الاستقبال..أبرز ما يؤرق الزوار

 

ومع كل ما تزخر به المنطقة من إمكانات طبيعية حباها بها الخالق، إلا أن هذا المعلم السياحي يبقى بعيدا كل البعد عن المعقول، بحيث يعاني العديد من النقائص، خاصة في ما يتعلق بالمرافق الفندقية والخدماتية، حيث يتحتم على قاصدي حمام السخنة جلب حاجياتهم معهم والرحيل في نفس اليوم لعدم وجود فنادق بالمنطقة وبالتالي يجبرون على  التنقل إلى  عاصمة الولاية من أجل المبيت، وهو ما أفقد المكان قيمته الطبيعية والسياحية التي ظل يزخر بها على مدار عدة عصور وقرون مضت، بل أكثر من ذلك فإن القائمين على تسيير شؤون هذه المنطقة التي تعتبر واحدة من أهم المواقع السياحية في مجال السياحة الحموية بسطيف، لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتمحيص لإجراء دراسة جدية من شأنها الحفاظ على هذا الكنز الرباني والاستثمار في مناظره وطبيعته العذراء، بما يعود بالفائدة على المنطقة وسكانها وعلى الرغم من أن سكان المنطقة الذين يسترزقون من مختلف النشاطات التجارية البسيطة والتي عادة ما كانت تنتعش خلال فصل الربيع بسبب الإقبال الهائل للزائرين من مختلف جهات الوطن، يعترفون بانتعاش الحركة التجارية بعد ركود نشاطهم جراء تغيير طبيعة المنطقة من جهة وكذا ضعف الخدمات المقدمة للزائرين، إلا أنهم يتحملون جزءا من مسؤولية ما قد ينجر من تقلص في أعداد السائحين خلال باقي الفصول، بسبب بعض الذهنيات السائدة لدى أصحاب الأكشاك والذين لا يحسنون التعامل مع السياح من جهة وكذا اغتنام الفرصة لرفع الأسعار، وقد زادت الحديقة التي تم إنشاؤها بجوار الحمام المعدني من إقبال العائلات بعدما وجدوا لأطفالهم فضاءً رحبا للعب والتسلية، إلى حد أن بعض المصادر تؤكد أن أكثر من مليون شخص ينزلون بحمام السخنة من مختلف جهات الوطن في رحلة بحث عن الراحة والاستجمام، ويبقى هذا الرقم مرشحا للارتفاع لو توفرت شروط الإقامة.

 

أهمية بالغة مقابل بناية آيلة للسقوط

إن حمام ڤرڤور رغم أهميته البالغة إلا أن مركبه يعاني حالة متقدمة من التدهور، وتراجعا كبيرا للخدمات، وخاصة الطبية منها، ناهيك عن الخدمات الفندقية والوضعية المزرية للحمامات بجناحيه إضافة إلى ضيق الطريق الرئيسي المؤدي إلى الحمامات بسبب التجارة الفوضوية التي احتلت الأرصفة وحافتي الطريق مما نتج عنه طوابير للسيارات التي  تعود من  الطريق نفسه الذي تسلكه. كما صرح بعض المواطنين بأن وضعية المركز تدهورت ولا تتماشى إطلاقا مع طموحات الوافدين إليه فالكل يشتكي، خاصة بعد أن كان من المراكز التي لقيت في السابق اهتماما كبيرا منذ افتتاح أبوابه قبل 25 سنة، حيث تم آنذاك تجهيزه بأحدث الوسائل الطبية بعدما تحول إلى مركب يأتيه المرضى من جميع أنحاء الوطن قصد العلاج، غير أن وضعيته تغيرت إلى النقيض خلال السنوات الأخيرة وهو على وشك فقدانه لبريقه السياحي والعلاجي، خاصة أنه لم يعد يرقى إلى طموحات المرضى الذين يقومون بالتداوي بأنفسهم في ظل غياب طاقم شبه طبي مؤهل علميا ومختص في ميدان التدليك الطبي وإعادة التأهيل الوظيفي والحركي، فمن بين 10 عمال يقومون بالعلاج في مجال إعادة التأهيل الحركي والوظيفي والتدليك الطبي وتشغيل الأجهزة المخصصة لذلك كالأشعة الحمراء وفوق البنفسجية وأجهزة العلاج بالذبذبات الكهربائية إلكتروتيرابي، واحدة فقط بجناح النساء تحوز على شهادة اختصاص من المدرسة العمومية للصحة الوطنية، أما باقي العمال فيقومون بذلك عن طريق الخبرة التي اكتسبوها من اختصاصيين في المجال عند ما فتح المركب أبوابه لأول مرة، ناهيك عن النقائص المسجلة في التدفئة، النظافة ومختلف المرافق التي تساهم في تحقيق الراحة للمريض، كما يبقى الأمل معقودا مستقبلا على الدراسة التي تمس منطقة التوسع والازدهار السياحي لحمام ڤرڤور وفق المرسوم التنفيذي رقم 10 | 131 المؤرخ في  29-04-2010 بمساحة 400 هكتار.

ويبقى هذان الصرحان بحاجة  إلى دعم والتفاتة جادة من طرف السلطات المعنية، قصد الاستفادة أكثر من مياههما المحتوية على إشعاعات نووية ساهمت في تحسين العديد من الحالات المرضية عولجت هناك، مما يتطلب ضرورة تسييرهما بالطرق الحديثة، ويأمل سكان بلديتي حمام السخنة وحمام ڤرڤور والوافدون إليهما في توفير كل الظروف الملائمة للعلاج والاستراحة.