احتفت الجزائر، أمس الأحد، على غرار باقي دول العالم الإسلامي، بمطلع العام الهجري، حيث تحرص العائلات الجزائرية عبر مختلف أرجاء الوطن على إحياء هذه المناسبة الدينية الطيبة، بمزيج من العادات والتقاليد المتجذرة من الآباء إلى الأبناء.
تحتفل الأسر الجزائرية بأول محرم بطريقتها الخاصة، حيث يمتزج عبق التقاليد بروح الدين وتاريخه العظيم، فيغتنم بعض الأولياء الفرصة لتلقين أبنائهم الأشهر الهجرية، وكذا قصة هجرة رسولنا الكريم في أجواء عائلية مميزة.
الأكل التقليدي الحاضر الأكيد

لا يمكن أن تمر أي مناسبة دينية على الجزائريين دون أن تحضّر لها العائلات الجزائرية عبر مختلف مناطق الوطن، وهو ما تقوم به هذه الأيام مع حلول رأس السنة الهجرية، حيث تحرص على أن تكون احتفالاتها بأول محرم عادة سارية بين أبنائها على مدى الأجيال المتعاقبة.
وأول محرم كغيره من المناسبات الدينية التي تعتبرها الأسر الجزائرية فرصة للمّ الشمل وإعداد مأدبة عشاء يكون فيها الطبخ التقليدي الحاضر الأكيد ومرافق العائلات في كل احتفالاتها، وأهم الأطباق التي تزين الطاولة عشية أول محرم، نجد الرقاق بالدجاج والكسكسي والرشتة، الشخشوخة البسكرية… ولكل ربة أسرة اختيار ما تحضره حسب عادات منطقتها وذوق أفراد أسرتها.
وإذ تختلف مظاهر الاحتفال بهذا اليوم في التفاصيل من منطقة إلى أخرى إلا أنها بشكل عام تتمثل في إعداد أشهى وألذ الأطباق التقليدية مثل الكسكسي، الرشتة والشخشوخة وغيرها من الأطباق التقليدية التي تكون في مجملها مرفقة عادة باللحم أو الدجاج، وفي هذا السياق كانت قد بدأت العديد من المحلات والأسواق الشعبية ومنذ أسابيع بالتحضير لهذه المناسبة الدينية وذلك بعرض شتى أنواع العجائن والحلويات والمأكولات الخاصة بأول محرم، فالحركية في الأسواق الشعبية تُضفي لمستها على هذه المناسبات.
من جهتها، قالت الآنسة هاجر إن بعض الأسر لا تحتفل بهذا اليوم لعدة أسباب وترى أنه احتفال مبتدع لكنها وعائلتها يولون هذا اليوم اهتماما كبيرا، حيث تقول إن والدتها قد بدأت التحضير لهذا اليوم مبكّرا عن طريق شراء لوازم الاحتفال كالتراز، وهي ذلك الخليط المكون من أنواع مختلفة من الحلويات، بالإضافة إلى الفول السوداني والذي يباع خصيصا لهذه المناسبة مع شراء الفرينة والسميد والدجاج لاستعمالها في تحضير طبق الرشتة والشخشوخة.
أما السيدة “لبنى” فقالت إنها لا تفوت أي فرصة أو مناسبة دينية للاحتفال على طريقة الأجداد، وأضافت أنها حريصة على اقتناء “التراز” وهو خليط من المكسرات يضم اللوز والجوز وفي الوقت الحاضر يضاف إليه الشوكولاطة والذي تعتبره ضروريا. وتقول “لبنى”، نقوم في ليلة محرم بوضع أصغر طفل في العائلة داخل قصعة أو “جفنة” ويفرغ عليه “التراز” لتكون أيامه حلوة مثله.
وأضافت أنه رغم حفاظها على هذه العادة إلا أنها متخوفة من زوالها خصوصا حينما نكون في عائلات لا توجد فيها “جدة” أو “كبيرة الدار” التي غالبا تكون سببا في نقل العادات القديمة للأجيال اللاحقة.
أما الحاجة “زهيرة”، فأخذت تروي لنا العادات التي تُمارس إحياءً لرأس السنة الهجرية، وقالت كانت النساء في الماضي يذهبن إلى الحقول لقطف سبعة أنواع من الخضر من بسباس وفجل وسبانخ و “قرنينة” وغيرها من الخضر والحشائش الموسمية ليتم إعداد “طبيخة” تضم الخضار السبعة، إضافة إلى تحضير سبعة أطباق مختلفة تكون محضرة من العجين واللحم وذبح الدجاج. فعلى سبيل المثال يتم إعداد “المسمن” وأحيانا يتم طبخه مع اللفت “بوشلاغم”، والتريدة كل حسب ذوقه ومقدرته، وأضافت “الحاجة زهيرة” أنه غالبا ما يتم تفادي “البغرير” وذلك تجنبا أن تكون أيام السنة القادمة “مغرفة” مثل “البغرير”، وينصح بتحضير “المسمن” و”الخفاف” لتكون السنة القادمة خفيفة؛ وفيما يتعلق بالكسكسي، فإنه يعتبر سيد الأطباق التقليدية المحضرة غير أنه يشترط في تحضيره عدم اقفال “الكسكاس” لكي لا يكون العام “مقفولا ” حسب تعبيرها واعتقادها.
وأضافت “الحاجة” أن الفتيات والنساء كن يتوجهن إلى الحقول والمزارع، أين يتواجد “الدوم” وهي نبتة تدخل في صناعة الأثاث و “القفف” التقليدية ويقمن بقطف “الجمار” وهو لب “الدوم” وقالت “باش العام الجديد كي يدخل يلقانا مدفيين ومكسيين كيما الدوم”. وتأسفت لكون العديد من العادات قد اندثرت وذلك لعدم اهتمام الفتيات بكل ما هو تقليدي.
وللمساجد دورها

من جهتها، تقوم المساجد عبر التراب الوطني بإقامة حلقات دينية بالمناسبة وعن أبعادها، كما تنشط بعض الجمعيات حلقات توعية بأهمية حلول السنة الهجرية وكذا بتفقد العائلات المحتاجة ومد يد العون لها.
وتدل هذه المناسبة على بداية عهد جديد في تاريخ الدولة الإسلامية الناشئة، حيث أسست الهجرة النبوية الشريفة لمرحلة جديدة من مراحل التاريخ الإسلامي، وصار الفاتح من محرم طليعة التقويم الهجري للمسلمين.
لمياء. ب