الجزائر -تحظى مناطق الظل باهتمام خاص ومتابعة شخصية من طرف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون الذي وجه تعليمات للمسؤولين المحليين من ولاة ورؤساء دوائر للشروع في تنفيذ حلول فورية واستعجالية للتكفل بانشغالات سكان هذه المناطق.
وتسعى الحكومة إلى وضع خطة تأهيل عاجلة موجّهة إلى هذه المناطق لتحسين ظروف العيش فيها وتوفير الأساسيات الضرورية وحلّ مشكلات التمدرس.وأرفق رئيس الجمهورية، تعليماته للمسؤولين المحليين، بقرارات ميدانية تم بموجبها إقالة عدد من المسؤولين المحليين، بعد تحقيقات أظهرت فسادا في إنجاز مشاريع في “مناطق الظل”.وكان الرئيس قد أنهى، في وقت سابق، مهام 4 رؤساء بلديات، و4 رؤساء دوائر، وكذا مسؤولين على مكاتب لقطاع السكن والأشغال العامة، بمناطق مختلفة من البلاد بعد تحقيقات أظهرت “خيانة الأمانة، والتلاعب في مشاريع موجهة لمناطق الظل”.
وذكرت تقارير إعلامية، أن أيام والي ولاية وهران على رأس الجهاز التنفيذي للولاية أصبحت معدودة على خلفية الضجة التي أثارها الفيديو حول حديثه مع أستاذة اشتكت غياب الظروف بإحدى المدارس والذي خلف جدلا كبيرا عبر شبكات التواصل.واضطر والي ولاية وهران إلى إصدار بيان علق فيه على تصريح معلمة في مدرسة بن زرجب التي قالت أثناء عرضها لمختلف الانشغالات إنّ “الطاولات تعود إلى عهد الاستعمار”.
وتوقف الوالي – عند هذا الوصف _ للتوضيح بصفته ممثلا للدولة بأنّهَ وصفٌ غيرُ ملائم وأنه لا يعكسُ _ لا حقيقةً ولا واقعًا _ المجهودات التي قامت بها الدولة الجزائرية منذ الاستقلال في جميع القطاعات، وأوّلُها في قطاع التربوية الوطنية.وأبرز والي الولاية حرصه على التوضيح بأنّ وجودَه في هذه المدرسة كان خصيصا من أجل معرفة مثل هذه النقائص، والعمل على رفعها وتقديم كل الدعم وتجنيد كل الوسائل الضرورية لتحسين ظروف تمدرس التلاميذ وعمَل المعلمين.
50 مليار دينار لتمويل مشاريع في 15 ألف منطقة
وحسب إحصاءات وزارة الداخلية، توجد في الجزائر 15 ألف منطقة ظل، يعيش بها قرابة 8 ملايين مواطن، من بين 42 مليون نسمة.وكانت وزيرة العلاقات مع البرلمان، بسمة عزوار، قد كشفت عن تخصيص أكثر من 50 مليار دج لتمويل إنجاز مشاريع بمناطق الظل في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2021.وأوضحت الوزيرة، في ردها على انشغالات أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، خلال جلسة مخصصة لعرض ومناقشة مشروع قانون المالية لـ2021، أنه تم تخصيص مبلغ بـ 50 مليار دج لفائدة مناطق الظل وتسجيله على مستوى البرامج البلدية للتنمية.ويضاف إلى هذا المبلغ، الاعتمادات المالية المسجلة في الميزانيات القطاعية والتي يمكن تحويلها لهذه المناطق من خلال إعادة هيكلة عمليات التجهيز.ووفقا للأرقام فقد تم إحصاء 8500 مشروعا في طور الانجاز خصص لها مبلغ قدره 145 مليار دج.وفي 14 أوت أعلنت الحكومة إطلاق خطة عاجلة لتحسين حياة الملايين من سكان مناطق الهامش تتضمن ما يقارب 12 ألف مشروع يشمل أكثر من تسعة آلاف منطقة فقيرة، تخص إنجاز 208 مشاريع لإيصال المياه الصالحة للشرب وتعبيد 170 طريقاً ريفياً و170 مدرسة ريفية و136 مشروعاً مع التزويد بالكهرباء والغاز الطبيعي وإنجاز 73 مركزاً صحياً و293 مشروعاً للصرف الصحي، إضافة إلى تهيئة فضاءات رياضية وترفيهية للشباب بغلاف يقارب 1.8 مليار دولار، لفائدة أكثر من 3.8 ملايين مواطن يعيشون في هذه المناطق الفقيرة في الريف والضواحي، بينها 1256 مشروعا يتوجب إنجازها قبل نهاية السنة الجارية.
تعهدات بفك العزلة
و”مناطق الظل” تسمية أطلقها الرئيس، منذ وصوله الحكم، على القرى والأحياء المعزولة في البلاد، وتعهد بإخراجها من عزلتها عبر مشاريع مستعجلة.
ففي 15 فيفري الماضي، فاجأ رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون الولاة وكوادر الحكومة في اجتماع موسّع، ببثّ فيلم وثائقي عن أوضاع مواطنين يعيشون في مناطق الهامش، وما زالوا بعد ستة عقود من الاستقلال من دون مياه، الأمر الذي يضطرهم إلى نقلها على الدواب من مسافات بعيدة، فيما يفتقرون إلى الكهرباء ويسكنون في بيوت من الطين والصفيح. أمّا أبناؤهم فمجبرون على السير لمسافات قد تزيد عن خمسة كيلومترات للوصول إلى مدارسهم.وقد وصف تبون تلك الأوضاع بأنّها أشبه بأوضاع الجزائريين خلال الاستعمار الفرنسي.ورغم أن المشاهد لم تكن اكتشافاً جديداً بالنسبة إلى الجزائريين، لكن طريقة عرضها كواقع مأساوي ومناسبته مثّلت نقطة تحوّل ومكاشفة حقيقية للحكومة وإدانة لسنوات حكم سابقة في ما يخصّ سياسات التنمية المحلية الرديئة.ومناطق الظلّ لا تعني بالضرورة مناطق الريف والمناطق الجبلية والداخلية في البلاد، فمناطق ظلّ فقيرة موجودة كذلك على هامش النسيج العمراني للمدن وضواحي الحواضر الكبرى، خصوصاً أنّ الفترة التي شهدت فيها الجزائر أزمة أمنية في تسعينيات القرن الماضي دفعت في اتجاه نزوح أعداد كبيرة من السكان إلى حواشي المدن طلباً للأمن والأمان.
وفي العاصمة الجزائر وحدها، أحصى الفريق المكلف بوضع خريطة لمناطق الظلّ في ولاية الجزائر 299 منطقة ظلّ تقع خارج النسيج العمراني الحضري، ويعيش سكانها في ظروف شبه ريفية تستدعي إعطاءها الأولوية وتسوية المشاكل المستعجلة للتنمية على مستوى هذه المناطق.
أمين.ب










