من مدارس الثورة إلى الجامعات الذكية.. التعليم يصنع ملامح الجزائر الجديدة

من مدارس الثورة إلى الجامعات الذكية.. التعليم يصنع ملامح الجزائر الجديدة

لم يكن التعليم في الجزائر مسارًا عاديًا، بل كان معركة وجود وصراع هوية، فمن الزوايا والكتاتيب التي حفظت اللسان والذاكرة زمن الاستعمار، إلى مدارس الثورة التي جعلت من المعرفة سلاحًا للتحرير، ظل التعليم ركيزة لبناء الوعي الوطني.

وبعد الاستقلال، خاضت الجزائر ورشة كبرى لصياغة مدرسة وطنية تُعمّم الحق في التعلم وتعيد للغة العربية مكانتها وتُخرّج أجيالًا تُسهم في بناء الدولة، ومع توالي الإصلاحات وتحديث المناهج وإدماج التكنولوجيا، يواصل النظام التربوي اليوم السير نحو مدرسة عصرية قادرة على صناعة الكفاءات وقيادة التنمية في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة وهو ما سنفصله من خلال التقرير التالي. اندلعت الثورة التحريرية المجيدة في أول نوفمبر سنة 1954 ونسبة التعليم في الأواسط الجزائرية داخل المدارس الحكومية ومدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لا تفوق 15 بالمائة من إجمالي الأهالي، فقد قام الاحتلال الفرنسي بمكافحة الثقافة العربية الإسلامية وإغلاق المدارس الحرة المنجزة من طرف ج ع م ج ومنع نشر وبيع الجرائد الجزائرية والمجلات والكتب المحررة باللغة العربية. وقد كان في هذه الفترة همّ الجزائريين الوحيد هو القضاء على الاستعمار الفرنسي وتحقيق الاستقلال لبلادهم واسترجاع سيادتها وتحريرها فالتحق معظم الطلاب بصفوف جيش التحرير الوطني فقامت السلطة الفرنسية باعتقال الشعب وسجنه وتعذيبه وقتله فرادى وجماعة وأغلقت المدارس الحرة وسجن معلموها وبقي معظمهم محرومين من التعليم في المدارس العمومية. ورغم أن الطرق الدينية قد تعرضت للتنديد فإنها قامت بدور هام في مواصلة التعليم وسمحت لأقلية من الأطفال الجزائريين من كل جيل من اكتساب معرفة وكانت الزاوية مصلا تلقى فيه الدروس للطلبة في مختلف مراحل التعليم وفيها أيضا مساكن خاصة لهم فهي من هذه الناحية أشبه بالمدارس الداخلية في وقتنا الحالي.

 

تخريب الوعي.. المدرسة أولى ضحايا فرنسا في الجزائر

وتشير الأرقام، أنه في سنة 1948 كان هناك طفل يتعلم من بين تسعة أطفال لا يتعلمون وفي سنة 1958 أصبح عددهم 4 من أصل تسعة.

وكان عدد المؤسسات الابتدائية والثانوية الخاصة للتعليم العربي الحر 90 مدرسة سنة 1947 و181 سنة 1954 منها 58 ثانوية يدرس فيها ما يقارب 40.000 تلميذ، وهي مدارس أنشأت بمبادرة من الأهالي الذين يتكفلون بكل النفقات اللازمة لتسييرها وإذا كانت جمعية العلماء المسلمين هي التي تقوم بدور رئيسي، فإن الحركة الوطنية كانت معينة بالأمر أيضا، فكان حزب الشعب عدة مؤسسات تابعة له. وقد كان من المستحيل إنشاء مؤسسات على المستوى الجامعي ما عدا مؤسسة ابن باديس في قسنطينة، وهكذا بلغ عدد الطلبة سنة 1954 حوالي 1000 بجامعة الزيتونة في تونس 120 بالقروين في المغرب و150 بالأزهر في مصر الشقيقة وكان مجموع الطلبة 1270 يساوي ضعف عدد الجزائريين المسجلين في الجامعات الفرنسية. وكان أقل طفل جزائري واحد من بين عشرة يختلف من مدرسة الأخرى ولكن الواقع صبي من بين خمسة وبنت من بين 16 وتصل في الأرياف إلى واحد من بين خمسين أو سبعين (50) أو (70) في بعض المناطق. وظهرت المدارس الحرة بالجزائر على نطاق أوسع مما كانت عليه، كان هدفها الحفاظ على الشخصية الوطنية، وقد كانت المدارس الحرة عبارة عن مراكز تكوين للشبان الجزائريين.

 

حين حاربت الجزائر فرنسا بالقلم قبل البندقية..

وقد لعب بذلك التعليم في الجزائر منذ اندلاع الثورة التحريرية دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الوطني وبناء الهوية الجماعية للشعب الجزائري. فقد أدركت جبهة التحرير الوطني منذ اللحظات الأولى أن الاستعمار الفرنسي لم يكن يسعى فقط للسيطرة على الأرض، وإنما كان يستهدف الإنسان الجزائري في لغته وذاكرته وقيمه. ولذلك تأسست داخل صفوف الثورة مدارس الكتائب، ومدارس الولايات التاريخية، وكتاتيب محو الأمية في المداشر والقرى، إضافة إلى المدارس الجزائرية بتونس ومصر والمغرب التي كانت تؤطر أبناء اللاجئين والمتطوعين. وأنشأت جبهة التحرير الوطني، بين 1958 و1962، شبكة واسعة من المدارس والمعاهد التعليمية بالمهجر لفائدة أبناء اللاجئين والنازحين، تجاوز عددها عشرات المدارس وضمّت آلاف التلاميذ، خاصة في تونس والمغرب. كما أشرفت الجبهة، على تكوين مئات المعلمين والإطارات التربوية الذين عاد جزء كبير منهم بعد الاستقلال للمساهمة في بناء المدرسة الجزائرية الحديثة.

 

جزائر الاستقلال.. جعل التعليم الركيزة الأساسية لبناء الدولة الوطنية

وعندما نالت الجزائر استقلالها سنة 1962، كانت البلاد تواجه وضعًا تربويًا صعبًا للغاية. فقد كانت نسبة الأمية تتجاوز 85%، ولم يكن عدد التلاميذ في المدارس يتجاوز نصف مليون فقط، أغلبهم في المدن. وكان عدد المعلمين الجزائريين لا يتجاوز 2000 معلم عبر الوطن، في مقابل آلاف المدارس التي كانت بحاجة إلى إعادة التأهيل وإعادة البناء. أمام هذا الوضع، اختارت الجزائر أن تجعل التعليم الركيزة الأساسية لبناء الدولة الوطنية، فتم إعلان المجانية الشاملة للتعليم والإلزام المدرسي، وأطلقت الدولة برنامجًا ضخمًا للتعميم والتعريب. وقد بلغ عدد التلاميذ سنة 1975 أكثر من 3.5 ملايين تلميذ، أي سبعة أضعاف ما كان عند الاستقلال، وتم توظيف أكثر من 50 ألف معلم جديد، بينهم أساتذة قدموا من الدول العربية الشقيقة للمساهمة في إعادة بناء المدرسة الجزائرية. وتم في هذه المرحلة، إنشاء المدارس العليا لتكوين الأساتذة التي شكلت خطوة استراتيجية مهمة لإعداد إطارات وطنية في التربية. وقد تخرج من هذه المدارس آلاف الأساتذة في مختلف التخصصات، وأسهموا في تكوين جيل كامل من المتعلمين الذين سيقودون فيما بعد مؤسسات الدولة. كما تم إدراج التربية الإسلامية والتاريخ الوطني واللغة العربية في المناهج باعتبارها عناصر أساسية في إعادة بناء الهوية التي حاول الاستعمار طمسها. ومن أهم المكاسب الإيجابية في هذه المرحلة أنّ المدرسة الجزائرية أصبحت فضاءً لتوحيد الانتماء الوطني، حيث درس أبناء الفلاحين والعمال والموظفين جنبًا إلى جنب في نفس المقاعد، وهو ما ساهم في تعزيز العدالة الاجتماعية ومنع خلق طبقة متعلمة معزولة.

 

قفزة من جامعة واحدة إلى منظومة جامعية متكاملة

وفي الثمانينيات، انتقلت الجزائر إلى مرحلة توسيع البنية التحتية الجامعية. فقد ارتفع عدد الجامعات من جامعة واحدة سنة 1962 إلى أكثر من 12 جامعة بداية الثمانينيات، وانتقل عدد الطلبة الجامعيين من حوالي 500 طالب عند الاستقلال إلى أكثر من 200 ألف طالب سنة 1988. وتم إنشاء مدارس وطنية عليا في الهندسة، والعلوم الطبية، والعلوم الاقتصادية، والتكوين البيداغوجي العلمي. كما بدأ البحث العلمي يأخذ شكله المؤسساتي من خلال إنشاء مراكز بحث في الطب، الكيمياء، علم الاجتماع، الفلاحة، الجيولوجيا وعلوم المحروقات. وقد وصل عدد الأساتذة الباحثين في نهاية الثمانينيات إلى حوالي 12 ألف أستاذ، كثير منهم تلقى تكوينًا عاليًا في جامعات أوروبية وعربية، وعاد للمساهمة في النهضة العلمية.

 

مجانية التعليم ومبدأ الإلزام التربوي.. المدارس مفتوحة في أصعب الفترات

وبالرغم من الظروف الصعبة التي عرفتها البلاد في التسعينيات بسبب الأزمة الأمنية والاقتصادية، فإن المدرسة الجزائرية واصلت أداء دورها المركزي في حماية الوعي الوطني. فقد تم الحفاظ على مجانية التعليم ومبدأ الإلزام التربوي، وظلت المدارس مفتوحة في أصعب الفترات، لأن الدولة أدركت أن انهيار المدرسة يعني انهيار المجتمع، ورغم نقص الوسائل، فقد تمكنت المنظومة من الاستمرار، وتم سنة 1995 إطلاق برنامج وطني ضخم لمحو الأمية بالتعاون مع المجتمع المدني والهيئات الدولية، أسهم في خفض نسبة الأمية تدريجياً.

 

مرحلة إصلاح شامل للمنظومة التربوية..

إن المسار التاريخي للتعليم في الجزائر يكشف أن الدولة جعلت من المدرسة والجامعة مشروعًا وطنيًا استراتيجياً. فالتعليم خلال الثورة كان أداة للبقاء والصمود، وبعد الاستقلال كان أداة لبناء الدولة، وفي الثمانينيات كان أداة لصناعة الإطارات، وفي التسعينيات كان أداة لحماية المجتمع، وفي الألفية الجديدة أصبح أداة للتحول نحو اقتصاد المعرفة. ومع بداية الألفية الثالثة، دخلت الجزائر مرحلة إصلاح شامل للمنظومة التربوية. فقد تم سنة 2003 اعتماد مناهج جديدة قائمة على مقاربة الكفاءات بدل الحفظ، وأُطلقت سلسلة جديدة من الكتب المدرسية، وتم إدراج الإعلام الآلي واللغات الأجنبية بشكل تدريجي في مختلف الأطوار. كما تم تعزيز الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات لضمان شفافية التقييم الوطني في امتحان شهادة التعليم الابتدائي، وشهادة التعليم المتوسط، وشهادة البكالوريا. وقد سمحت الرقمنة في السنوات الأخيرة بإطلاق فضاءات رقمية للدراسة، وتكوينات للمعلمين، ومنصات للدروس والدعم المدرسي الإلكتروني.

 

التعليم.. أداة للتحول نحو اقتصاد المعرفة

أما التعليم العالي، فقد عرف توسعًا ضخمًا، إذ بلغ عدد الطلبة سنة 2024 أكثر من 1.7 مليون طالب موزعين على 109 مؤسسة جامعية ومدرسة وطنية عليا، وارتفع الى مليوني طالب في المؤسساته الجامعية للسنة الجامعية 2026/2025، ويبلغ عدد الخريجين سنوياً 377 ألف خريج مع أكثر من 65 ألف أستاذ جامعي، منهم حوالي 20 ألف أستاذ باحث يحمل درجة دكتوراه. كما تم إنشاء 1,550 مخبر بحث معتمد يعمل في مجالات الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، الفلاحة الذكية، الهندسة الطبية، الأمن الغذائي، البيئة البحرية، والصناعة التحويلية. وتم إدراج حاضنات أعمال جامعية لتشجيع الطلبة على تأسيس مؤسسات ناشئة، فيما تم تسجيل عدد هائل من المشاريع الابتكارية الطلابية،كما تم إنشاء “117 مركزا لتطوير المقاولاتية و124 حاضنة أعمال و78 دارا للذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى 422 مؤسسة فرعية عبر مختلف مناطق الوطن”. وما يجب التأكيد عليه أن العلاقة بين قطاع التربية وقطاع التعليم العالي ليست علاقة انتقال إداري من المدرسة إلى الجامعة، وإنما علاقة بنائية جوهرية. فالمدرسة مسؤولة عن تكوين القاعدة المعرفية واللغوية والمنهجية للمتعلمين، بينما تتكفّل الجامعة بتطوير مهارات التفكير والتحليل والبحث والإبداع. ولذلك تعمل الدولة اليوم على تعزيز التكامل بين القطاعين عبر: توجيه المدارس العليا للأساتذة لتكوين معلمين وفق احتياجات فعلية للمدارس، إطلاق التكوين المستمر للأساتذة بالشراكة مع الجامعات ومخابر البحث وفتح مسارات تربوية وبيداغوجية داخل الجامعات للتطوير المهني مع تشجيع مدارس النخبة في العلوم والرياضيات وربطها بمخابر الابتكار الجامعي فضلا عن إدماج الذكاء الاصطناعي والتعليم الرقمي في إطار دراسة جامعية متمكنة. كما شهدت السنوات الأخيرة، نجاحات ملموسة في ضمان تكافؤ الفرص بين ولايات الوطن، وتم بناء آلاف المدارس في ولايات الجنوب والهضاب العليا، وتزويد المؤسسات التعليمية بالطاقة الشمسية في بعض المناطق الريفية لتحسين ظروف الدراسة. وتم إنشاء مدارس خاصة بأبناء الجالية الجزائرية في أوروبا لتسهيل الحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية.

 

خبرات تعود للوطن.. الطلاب الجزائريون يصنعون التحول

كما أنّ آلاف الطلبة الجزائريين يستفيدون سنويًا من فرص التكوين والدراسة بالخارج، عبر برامج التعاون الثنائي والمنح الأكاديمية، خصوصًا في مجالات الطب والهندسة والبحث العلمي، وقد عاد الكثير منهم لتطوير قطاعات الصناعة والطب والبحث العلمي. وتشير الإحصائيات، إلى أن نسبة التمدرس الابتدائي في الجزائر تجاوزت اليوم 99 بالمائة، وأن نسبة الأمية انخفضت من أكثر من 85% سنة 1962 إلى أقل من 7.40 بالمئة حاليا وهي من أدنى النسب في إفريقيا والعالم العربي. كما تحتل الجزائر المرتبة الأولى مغاربياً في حجم الإنفاق على التعليم ولا تستبعد الجزائر القضاء عليها نهائيا سنة 2030. واليوم، ومع التحولات العالمية الواسعة، تتجه الجزائر نحو مدرسة تصنع مهارات الإبداع، وجامعة تصنع المعرفة، ومجتمع يتعلم مدى الحياة. وهذا التحول لا ينطلق من الصفر، بل يستند إلى رصيد تاريخي قوي وإرث تربوي واسع وشبكة مؤسسات تعليمية تغطي كل شبر في الوطن. فالتعليم في الجزائر لم يكن هامشًا في بناء الدولة، بل كان دائمًا قلبها وعمودها ومصدر قوتها، إلى غاية تصديره باعتباره نموذجا يقتدى به.

 

الجزائر تفتح أبواب جامعاتها للعالم..

وفي هذا الإطار تشهد الجامعات الجزائرية اهتمامًا متزايدًا من قبل الطلبة الأجانب الراغبين في متابعة دراستهم في مختلف التخصصات، وذلك بفضل إطلاق منصة “أدرس في الجزائر”، التي ساهمت بشكل ملحوظ في جذب الطلبة الدوليين من شتى أنحاء العالم. وتعكس هذه الخطوة، التي تعد في بداياتها ناجحة، التوجّه الرسمي نحو ترقية مكانة الجزائر كوجهة أكاديمية إقليمية وعالمية، وتسعى إلى تعزيز حضور الجامعات الجزائرية على الساحة الدولية، وتحسين تصنيفها العالمي. ويأتي هذا التوجّه نتيجة رؤية استراتيجية اعتمدتها الدولة، تستثمر في التعليم العالي كأداة للدبلوماسية الأكاديمية والانفتاح على العالم. وفي هذا الإطار، تبنّت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عدّة برامج لدعم استقطاب الطلبة الأجانب، أبرزها “البرنامج الوطني التضامني” المخصص لطلبة دول إفريقيا جنوب الصحراء، والذي ارتفعت عدد منحته من 1500 إلى 5000 منحة للسنة الجامعية 2025-2026. كما أُطلقت برامج جديدة، على غرار “منح الامتياز” الموجّهة للطلبة الأفارقة المتفوقين، إضافة إلى منح خاصة بأبناء الجاليات والدبلوماسيين الأجانب المقيمين في الجزائر. وتُعد حملة “أدرس في الجزائر”، التي أطلقتها الوزارة سنة 2023، ركيزة أساسية في هذا التوجّه نحو الانفتاح الأكاديمي، حيث شجّعت الجامعات الجزائرية على التنافس في جذب الطلبة الأجانب، من خلال تطوير برامجها وتعزيز جاذبيتها. ووفق الأرقام الرسمية، بلغ عدد المسجلين في المنصة إلى غاية 4 أوت 2025 حوالي 9350 طالبًا من أكثر من 60 دولة، بينها دول تسجل لأول مرة مثل صربيا، الهند، أفغانستان، والولايات المتحدة الأمريكية. وقد أكمل أكثر من 1050 طالبًا منهم إجراءات التسجيل الكامل. وتغطي التخصصات المفتوحة أمام الطلبة الأجانب مجالات متنوعة تشمل العلوم الأساسية (مثل الرياضيات وتطبيقاتها)، والتخصصات الحديثة كـالذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، هندسة البرمجيات، والطاقات المتجددة، إلى جانب الطب بفروعه، والعلوم الإنسانية والقانونية.

سامي سعد