للخروج من نفق تهاوي الدينار وتآكل احتياطي الصرف

مهمة استعجالية صعبة تنتظر محافظ بنك الجزائر

مهمة استعجالية صعبة تنتظر محافظ بنك الجزائر

الجزائر -تنتظر محافظ بنك الجزائر الجديد، رستم فاضلي، مهمة استعجالية صعبة، تتمثل في وضع خطة لكبح تآكل احتياطي الصرف ومنع تواصل انهيار قيمة الدينار ووقف أزمة نقص السيولة النقدية التي تعاني منها مراكز البريد بوجه خاص.

وحسب خبير مالي من البنك المركزي، تحدث لموقع “العربي الجديد”، فإن رستم فاضلي يحظى بإجماع داخل البنك المركزي وحتى خارجه، بالنظر لتجربته الطويلة داخل بنك الجزائر، وتدرجه في المسؤولية داخله لأكثر من 3 عقود، بالإضافة لامتلاكه نظرة “نقدية ومالية” إصلاحية، يمكنها أن تصحح الأوضاع النقدية للجزائر.

ويقول الخبير إن “فاضلي يعد منتجا خالصا لبنك الجزائر، حيث قضى أغلب حياته المهنية خاصة في الفروع الحساسة داخله. وتخرج فاضلي الذي دخل عقده السادس من العمر، من المدرسة الجزائرية للإدارة تخصص مالية ونقد”.

وأضاف المصدر أن “محافظ بنك الجزائر الجديد قضى 30 سنة في فرع العلاقات المالية الدولية، المكلفة بتسيير احتياطي الصرف الجزائري والمسؤولة أيضا عن تحديد قيمة العملة أمام العملات الأجنبية، بالإضافة إلى تسيير علاقة الجزائر مع المؤسسات المالية الدولية”.

وحسب وزير المالية الأسبق، رئيس جمعية البنوك سابقا، عبد الرحمن بن خالفة، فإن “محافظ بنك الجزائر الجديد تنتظره ملفات ذات طابع استعجالي، في مقدمتها أزمة نقص السيولة التي أصبحت جلية بتواصل طوابير الانتظار أمام مراكز البريد وبعض البنوك. وإذا كان تخفيض احتياطي البنوك من الأموال من 6 بالمائة إلى 3 بالمائة حلا مسكنا في الفترة الماضية، إلا أن الكتلة النقدية التي ستضخها البنوك لن تغطي العجز النقدي، وبالتالي نحن أمام وضع مؤقتٍ، يتطلب حلولاً جذرية للمشكل، ويجب على المحافظ أن يضع له ورقة طريق دقيقة لإنهاء الأزمة بشكل جذري”.

وأكد بن خالفة أن “أكبر الورشات الإصلاحية التي تنتظر محافظ بنك الجزائر هي تعديل قانون القرض والنقد الذي يعود إلى 4 عقود، لإصلاح النظام النقدي في الجزائر، خاصة المتعلق بصرف الدينار أمام العملات الأجنبية، والذي يتميز بكونه “إداريا” أكثر منه تجاريا، ما أضر بالعملة وحتى بالمستثمرين الذين يخسرون أحيانا أموالا كبيرة بسبب تدخلات المصرف المركزي المفاجئة في سعر الصرف”.

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي فارس مسدور أن “تزامن أزمتي السيولة والدينار، أثر بشكل مباشر على المواطن كونه الحلقة المهمة في السلسلة الاقتصادية، حيث عادت المخاوف في الجزائر من ارتفاع أسعار السلع والخدمات لتتقدم المشهد الاقتصادي، بعد تسجيل الدينار أرقاما تاريخية متدنية أمام الدولار واليورو، ما ينذر بمزيد من الغلاء، ويهدد الخطط الحكومية الرامية إلى إلغاء الدعم تدريجياً”.

وحسب مسدور فإن تداعيات انخفاض قيمة الدينار لا تقتصر على الفقراء، وإنما على الطبقة المتوسطة أيضاً، ما يهدد بتعجيل انهيار القدرة الشرائية أكثر في السنة الحالية، بسبب تواصل عملية التعويم وتمسك الحكومة بسياسة تقليص فاتورة الواردات من خلال خفض قيمة الدينار، كما أن نقص السيولة سيدفع نحو تراجع الإنفاق والاستهلاك، ما سيؤثر على العملية الإنتاجية طبعا.

ويقول الخبير في حديثه مع “العربي الجديد” إن “الأزمة المركبة التي يعيشها الدينار بنقص سيولته وقيمته في نفس الوقت، تهدد عدة قطاعات اقتصادية بالشلل التام، خاصة الإنتاجية المعتمدة على استيراد المواد الأولية من الخارج، حيث سيجد المتعاملون صعوبة في تحصيل الأموال من البنوك، سواء عبر القروض أو بسحب أموالهم، يضاف إلى ذلك ارتفاع فاتورة واردات المواد الأولية، وللأسف كل هذا يتزامن مع عودة الاقتصاد الجزائري للحركة بعد جمود لعدة أشهرٍ فرضته جائحة كورنا”.

وتراجع احتياطي الصرف الأجنبي بنحو 15.6 مليار دولار في أقل من سنة ونصف السنة، حيث استقر بحلول أوت الماضي عند 57 مليار دولار، بينما بلغ بنهاية أوت 2019 حوالي 72.6 مليار دولار، في حين سجل نهاية 2018 نحو 79.88 مليارا، وفي نهاية العام السابق عليه 97.33 مليار دولار. وتتوقع الحكومة تراجع الاحتياطي إلى 51.6 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وإلى ما دون 40 مليار دولار بنهاية العام المقبل.

أمين.ب