ما تزال العائلات القاطنة بقرية “عبد الهادي” بعمال جنوب شرق بومرداس تعاني التهميش والإقصاء بسبب العزلة المفروضة عليهم منذ سنوات عدة..
فقرية “عبد الهادي” التي تعد من أكبر قرى بلدية عمال كثافة سكانية تفتقر لأدنى ضروريات الحياة الكريمة، على غرار الغاز، الماء، الإنارة العمومية واهتراء شبكة الطرقات وغياب أدنى المرافق الترفيهية والرياضية، وهي المشاكل التي يتكبدها القاطنون منذ سنوات عدة وجعلت يومياتهم تغيب فيها مظاهر الحياة العادية باعتبارهم يعيشون يوميا واقعهم المر تحت وطأة البؤس والحرمان.
فبالرغم سلسلة الشكاوى التي أودعها مواطنو القرية على مستوى مكاتب السلطات المعنية، وعلى رأسها رئيس المجلس الشعبي البلدي لعمال، قصد وضع حد للتهميش، إلا أنه لا حياة لمن تنادي وبقيت مكتوفة الأيدي إزاء مشاكلهم التي يتخبطون فيها منذ سنوات عدة.
طرقات مهترئة.. وتعبيدها حلم صعب المنال
يشتكي سكان قرية “عبد الهادي” من الاهتراء الكبير الذي تتواجد عليه الطرقات، خاصة في الأيام التي تتساقط فيها الأمطار، إذ تتحول بمجرد سقوط قطرات قليلة من المطر إلى برك مائية يستحيل المشي فيها.
وقد أكد لنا في هذا السياق أحد قاطني القرية أنهم يستعينون كلما تساقطت قطرات قليلة من الأمطار بالأحذية البلاستيكية، كما أنهم -يضيف ذات المتحدث- يعانون من عزوف الناقلين عن الدخول إلى القرية خوفا من تعرض مركباتهم إلى أعطاب فتزيدهم أعباء مالية إضافية هم في غنى عنها، وهو ما اشتكى منه سكان القرية الذين أكدوا لنا أنهم يعانون من هذه الاهتراءات التي تعرفها الطرقات.
لذلك يطالب هؤلاء السلطات المعنية وعلى رأسها البلدية بالتدخل العاجل من أجل برمجة جملة من المشاريع التنموية، من أهمها وضع حد للمعاناة التي يتخبطون فيها من الاهتراء الذي تعرفه الطرقات..
اتباع الطرق البدائية في الحصول على الماء والغاز
كما يواجه قاطنو القرية مشاكل أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها وهي أزمة المياه الشروب، إذ وحسبهم تقتصر مدة تزويدهم بهذه المادة الحيوية أربع ساعات كل شهر.. وحسب أحد القاطنين، فإن الحنفيات تجف حتى في فصل الشتاء، الأمر الذي دفع بالسكان إلى جلب الماء من الينابيع الطبيعية المتواجدة في الجبال.
وقد شد انتباهنا ونحن نتجول بالقرية تواجد الحمير بكثرة في المنطقة، وعندما سألنا أحد المواطنين عن سر ذلك، قال لنا “الحمار لا يزال مقدسا في هذه القرية، فنحن نستخدمه كوسيلة لجلب الماء والغاز”.
كما يعاني القاطنون من انعدام الغاز الطبيعي، الأمر الذي زاد من سوء أحوالهم الاجتماعية بالنظر إلى حجم المعاناة التي يتكبدونها من التبعات اليومية وراء قارورات غاز البوتان التي تعرف ندرة حادة هذا بالنسبة للعائلات الميسورة الحال، أما الأخرى فتلجأ إلى الطرق البدائية وهي جلب الحطب من الغابات لاستعماله للتدفئة والطبخ.
الشباب غارق في البطالة.. والانحراف لقتل الفراغ
صرح شباب قرية “عبد الهادي” أن ظاهرة البطالة تفشت بشكل واسع في صفوفهم خاصة في السنتين الأخيرتين.. إذ وحسبهم فإن قريتهم وبلديتهم تفتقر لكل أنواع الاستثمار خاصة مع تأخر أشغال انجاز 100 محل تجاري لفائدة الشباب المبرمج من قبل رئيس الجمهورية.
ولأجل الحصول على لقمة العيش، يمارس البعض منهم المهن الحرة كالعمل في ورشات البناء والبعض الآخر يمتهنون الفلاحة ويستغلون فرص الشغل الموسمي، وما يلفت الانتباه في القرية هو شعور فئة الشباب الجامعيين الذين أنهوا دراستهم الجامعية منذ سنوات باليأس وخيبة أمل كونهم لم تتح لهم فرصة الحصول على شغل بعد مشوار دراسي مليء بالطموحات لعيش مستقبل أفضل.
وفي هذا الصدد، أكد مواطن متحصل على شهادة الليسانس بالقول “الحصول على شهادة جامعية هو الحلم الوحيد الذي راودني منذ صغري، كنت أعتقد أنه بعد تخرجي من الجامعة سأحقق بعض أحلامي وطموحاتي وأعيش مستقبلا زاهرا، لكن الواقع أراد عكس ذلك، فأنا بطال خائب الأمل”.
وإلى جانب غياب أدنى المرافق الرياضية والترفيهية، فلا وجود لملعب رياضي أو دار للشباب أو حتى قاعة رياضية من شأنها أن تقتل الفراغ الذي يعيشه الشباب، الأمر الذي أدى بالكثير منهم إلى إتباع طرق الانحراف والآفات الاجتماعية الخطيرة.