ميلة… سكان تسالة لمطاعي يغرقون في العزلة

elmaouid

 في محاولة منهم لإيصال انشغالاتهم إلى السلطات الولائية لولاية ميلة، طالب مواطنو منطقة بوداود التابعة إقليميا لبلدية تسالة لمطاعي والي الولاية ببعث مشاريع التنمية من أجل إخراج المنطقة من العزلة التي

تعيشها منذ فترة طويلة.

تبعد منطقة بوداود بحوالي 22 كيلومترا عن مقر بلدية تسالة لمطاعي، ويقطن بها  حوالي مائة عائلة، حيث كانت تعتبر من أهم معاقل ثورة التحرير الجزائرية لاحتضانها عدة مستشفيات عسكرية، نظرا لصعوبة تضاريسها وصعوبة وصول الجيش الفرنسي إليها آنذاك، فصنعت تلك المنطقة واحدة من الحلقات الهامة في سلسلة ثورة نوفمبر بفضل أبناء المنطقة والمجاهدين، فكانت عنوانا كبيرا للجهاد ضد الاستعمار، لكن كل ذلك لم يشفع لها، وعوض تنمية المنطقة وتحسين أوضاع أهاليها زاد الطين بلة خلال العشرية السوداء وتحولت إلى بؤرة للرعب أدت إلى هجرة الكثير من ساكنيها إلى المناطق الأخرى الأكثر أمانا، فتحولت آنذاك برمتها من عنوانها الكبير في الثورة التحريرية إلى عنوان كبير أيضا لمعاقل الإرهاب.

كانت ظروف الرعب أقوى من إرادة السكان الذين نزحوا جماعات في محاولات منهم للخروج من دائرة الرعب، ورغم كل هذه المعاناة ومحاولات العودة إلى أحضان المنطقة، يصطدم سكانها لغاية اليوم بعديد المظاهر السلبية التي تعكر حياتهم اليومية، لذا يطالب سكانها بضرورة الإلتفاتة إليها لتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير أبسط الخدمات التي تحافظ لهم على العيش الكريم، ومن أهم ما يزيد من عزلة المنطقة هو رداءة الطريق المؤدي إلى المنطقة والذي يمتد على مسافة عشرة كيلومترات “10” في حالة رديئة وغير صالحة، وتزيد من صعوبة التنقل إلى المنطقة وإلى خارجها، حيث أثر هذا الوضع على المواطنين حتى على مستوى مبلغ التنقل الذي ارتفع بسبب رداءة الطريق والتكاليف التي زادت على أصحاب السيارات التي ما زالت تنشط والتي تصل إلى مبلغ 200 دينار جزائري.

ضف إلى هذه المعاناة، النقص الفادح للنقل المدرسي، إذ أشارت مصادرنا إلى أن الحافلة تصل إلى القرية مرة واحدة في الأسبوع، وهو ما يؤثر على التلاميذ المتمدرسين بالنسبة للأطوار المتوسط والثانوي، كما يشتكي السكان من اهتراء المدرسة الإبتدائية الموجودة بالمنطقة والتي يعتبرونها خطرا على أطفالهم، بالإضافة أيضا إلى عدم توفر الرعاية الصحية بشكل يغني الأهالي عن التوجه إلى مقر البلدية والمناطق المجاورة، إذ تحتوي المنطقة على قاعة علاج لا تلبي حاجيات السكان، ولا يزورها الطبيب إلا مرة واحدة في الأسبوع، وهو ما يضع السكان في هذا المجال في حرج كبير خاصة بالنسبة للنساء الحوامل والأطفال والشيوخ، وخاصة في الفترة الليلية التي تقل فيها حركة السكان وانعدام السيارات والعزلة القاتلة، كما يعتبر السكان أن نقص الماء الشروب أيضا يعتبر من المؤرقات التي تعكر يومياتهم، نظرا للحاجة الملحة لشبكة توزيع المياه التي تغني السكان عن مياه الينابيع ومياه الصهاريج أحيانا، كما أشار البعض أيضا إلى عدم صلاحية الإنارة العمومية في أنحاء كبيرة من المنطقة.

لذا يطالب السكان بالتفاتة حقيقية من السلطات لتحسين أوضاعهم والقضاء على كل مظاهر العزلة التي تزيد من معاناتهم، وفي انتظار ذلك يبقى أملهم كبيرا جدا، ويبقى السكان متمسكين بمنطقتهم التي رغم عزلتها تعتبر بالنسبة لهم مصدر رزق الكثير منهم من نشاطاتهم الفلاحية المختلفة وتربية الحيوانات.