أحيت الجزائر، الأحد، اليوم الوطني للذاكرة المخلد للذكرى الـ77 لمجازر الثامن ماي 1945، والتي أكد الجميع بأنها واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية وضد القيم الحضارية التي لا تسقط بالتقادم رغم المحاولات المتكررة لطمسها.
وبعد قرابة ثمانية عقود من تغاضي ونكران الطرف الفرنسي لهذه الجرائم التي يصفها الحقوقيون “حرب إبادة جماعية حقيقية تدخل في خانة الجرائم ضد الإنسانية”، فإن الجزائر الجديدة جعلت من الحفاظ على الذاكرة الوطنية والدفاع عنها “واجبا وطنيا مقدسا” مثلما شدد عليه مرارا رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي أقر قبل عامين يوم الثامن ماي من كل سنة “يوما وطنيا للذاكرة”، وأكد خلالها أن “تاريخنا سيظل في طليعة انشغالات الجزائر الجديدة وانشغالات شبابها ولن نفرط فيه أبدا في علاقاتنا الخارجية”. بالمقابل أحيت ولايات غرب الوطن، اليوم الوطني للذاكرة المخلد لذكرى مجازر الثامن ماي 1945 بإقامة العديد من الأنشطة المتنوعة. وبوهران أشرف والي الولاية، سعيد سعيود، بمعية السلطات المحلية المدنية والعسكرية والأسرة الثورية على هذه المراس، حيث تم إطلاق عملية تزويد 220 عائلة بالغاز الطبيعي بقرية الحامول (بلدية الكرمة) في إطار برنامج لتموين مناطق الظل تشرف عليه مديرية توزيع السانيا لسونلغاز. كما تمت بذات المناسبة أيضا، إعادة تسمية الإقامة الجامعية “المتطوع” بالسانية باسم المجاهد الراحل بوعلام محمد (1921-2003). وبالنعامة احتضنت بلدية المشرية الاحتفالات الولائية بهذا اليوم الوطني، حيث أطلق اسم الشهيد درهاب أحمد على دار الشباب بحي السلام التي أقيمت بها معرضا ضم صورا حول الجرائم المرتكبة من طرف المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري مع تخصيص جناح لعرض إبداعات الشباب في مجال الصناعات الحرفية. كما أعطيت أيضا، إشارة انطلاق سباق لسعاة البريد، فضلا عن تكريم الفائزين في مسابقات ثقافية ورياضية وفنية نظمت بهذه المناسبة. أما بتلمسان فقد نظم متحف الفن والتاريخ والمتحف الجهوي للولاية الخامسة التاريخية معرضين للصور والملصقات حول مجازر 8 ماي 1945 تبرز همجية المستعمر الفرنسي ضد الجزائريين الذين خرجوا سلميا في ذلك اليوم للمطالبة بالاستقلال. وبتيارت أقيمت عدة فعاليات إحياء للذكرى، حيث تمت تسمية مؤسسة الطفولة المسعفة بعاصمة الولاية باسم المجاهدة الراحلة نوري صافية وكذا توزيع تجهيزات على ذوي الاحتياجات الخاصة. كما تدعمت ثماني بلديات نائية بالولاية بذات المناسبة، بحافلات للنقل المدرسي من علامة “مرسيدس بنز” استلمها رؤساء المجالس الشعبية البلدية في مبادرة هي الثانية من نوعها خلال هذا الموسم بعد توزيع 30 حافلة في وقت سابق. وبعين تموشنت، أشرف الوالي بحضور السلطات المحلية والأسرة الثورية، على عملية ربط 80 مسكنا بقرية الإخوة بن طاطا المصنفة كمنطقة ظل (بلدية سيدي الصافي) بشبكة الكهرباء بتكلفة تقدر بـ87،5 مليون دج في إطار صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية. وشمل برنامج إحياء اليوم الوطني للذاكرة بالولاية، إطلاق اسم الشهيد مولي طاهر على العيادة المتعددة الخدمات ببلدية سيدي الصافي ووضع حيز الخدمة لملعب جواري معشوشب اصطناعيا بذات الجماعة المحلية. من جهة أخرى، دعا مشاركون في ملتقى حول مجازر 8 ماي 1945 نظم بالأغواط إلى المساهمة في توثيق جرائم الاستعمار الفرنسي من خلال المذكرات الجامعية. وأكد متدخلون من أساتذة جامعيين وباحثين خلال هذا اللقاء الذي نظم بجامعة عمار ثليجي بالأغواط بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة ضرورة الاهتمام بالمواضيع المتعلقة بالذاكرة الوطنية وخاصة جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر وتوثيقها من خلال مذكرات التخرج للطلبة، كما أوضح لوأج، نائب عميد كلية العلوم الإنسانية، عبد القادر علال. وتم التأكيد أيضا، خلال هذا اللقاء على أهمية تنظيم ملتقيات وندوات وأيام دراسية ومعارض تاريخية حول هذا الحدث التاريخي بالجامعة ونشر الثقافة التاريخية والوعي بالذاكرة الوطنية في أوساط طلبة الجامعة عن طريق النوادي والتنظيمات الطلابية، وفق المصدر. وأجمع مشاركون في ندوة نظمت بخراطة بولاية بجاية على أن العنف غير المسبوق الذي مارسه الجيش الاستعماري الفرنسي ضد السكان المحليين ردا على خروجهم لشوارع خراطة وضواحيها، لا سيما أموشة وتيزي نبشار يوم 8 ماي 1945 للمطالبة بالاستقلال بطريقة سلمية، هو “جريمة ضد الإنسانية”. وأكد المتدخلون، أن ما ارتكبته فرنسا الاستعمارية ضد مواطنين عزل في سطيف، قالمة وخراطة يوم 8 ماي 1945 يحمل كل مواصفات الجرائم الانسانية التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني. وقدم الجامعي، محمد قدومي، عرضا استند فيه على قانون وأحكام الهيئات والمحاكم الدولية، وقال إن الاستعمار الفرنسي “ارتكب جرائم واعتداءات لا توصف” ضد المدنيين، وسلط الضوء على عدد من الجرائم التي اقترفتها يومها فرنسا الاستعمارية منها الإعدام والقتل الجماعي والتعذيب وغيرها من الجرائم البشعة التي “ارتكبت تحت راية سياسة الدولة”. أما بسطيف، جسدت صور ومشاهد عشرات الجزائريين الذين شاركوا في مسيرة الذاكرة والوفاء لـ45 ألف شهيد سقطوا ذات 8 مايو 1945 بسطيف، قالمة وخراطة، أرقى معاني الوفاء لشهداء هذه الذكرى الرهيبة التي أبى السطايفيون نسيانها بالرغم من مرور 77 سنة. وأوحت صور هذه المسيرة الشعبية التي شاركت فيها سلطات الولاية المدنية والعسكرية والأسرة الثورية وحشد كبير من المواطنين من مختلف الشرائح و الأعمار انطلاقا من أمام مسجد أبو ذر الغفاري (مسجد محطة القطار سابقا) وصولا إلى النصب التذكاري “سعال بوزيد” بشارع 8 ماي 1945 وكأن التاريخ أعاد نفسه قبل وقوع مجازر رهيبة تأبى ذاكرة الجزائريين نسيانها. وقد تشكلت مربعات يتقدمها عناصر الكشافة الإسلامية الجزائرية حاملين باقات الزهور والأعلام الوطنية ومرددين الأناشيد الوطنية وأخرى لممثلي عديد الهيئات الأخرى على غرار الدرك والأمن الوطنيين والحماية المدنية والجمارك وغيرها في أجواء تحمل أسمى معاني العرفان والوفاء.
أ.ر









