نعيم الجنة

 نعيم الجنة

 

إذا كان كلُّ نعيمِ الدنيا وزُخرُفِها ما رأيناهُ منهُ وما لم نرَهُ، وما سمعنَا عنهُ وما لم نسمَعْ به، أقل من موضع السوطِ في الجنة، فكيفَ بما يصفه الله تعالى بقوله: ” إِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ” الإنسان: 20، وإذا كان الخِمارُ الذي تضعهُ الحوريةُ على رأسِها خيرٌ من الدنيا وما عليها، فكيف بصاحبة الخِمارِ التي لو اطَّلعت على أهل الدنيا لذهبت بأبصارهم من شدة ضياءها، ولملأتْ ما بين السماء والأرض ريحًا، ولاستنطقت أفواه الخلائق تنزيهًا وتسبيحًا، وإذا كانت الغمسةُ الخاطفةُ في أنهار الجنة، تجعلُ أبأسَ أهلِ الأرضِ يُقسمُ بعزة اللهِ وجلالهِ أنهُ ما رأى بؤسًا قَطُّ، فكيفَ بالخلود فيها، وإذا كان اللهُ تعالى قد وعدَ المتقينَ جنةً عرضُها السماواتُ والأرض، فيها ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خَطرَ على قلب بشرٍ، فلا إله إلا الله أي مستوى من النعيم هذا: “فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” السجدة: 17، “لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ” ق: 35.

وعن صُهَيب الرومي رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، نادىَ منادٍ: يا أهلَ الجنةِ، إن لكم عندَ الله مَوْعِدًا يريدُ أن يُنْجِزَكُمُوهُ، فيقولونَ: ما هُو ألَمْ يُثَقِّلْ موازينَنَا ويُبَيِّضْ وجوهَنا، ويدخلْنا الجنةَ، ويزحْزحْنا عن النار؟ قال: فيكشفُ لهم الحِجَاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحبَّ إليهمْ من النظرِ إليه ولا أقَرَّ لأعينِهم منهُ”؛ رواه مسلمٌ، وروى المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سأل موسى ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعد ما أُدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي ربِّ كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أُخذاتهم؟! فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مَلِكٍ من ملوك الدنيا، فيقول: رضيت ربِّ، فيقول الله له: لك ذلك ومثلُه ومثلُه ومثلُه ومثلُه، قال فيقول في الخامسة: رضيت ربِّ، فيقول الله: لك هذا وعشرةُ أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، قال فيقول: رضيت ربِّ رضيت ربِّ “.