في رحاب السيرة النبوية

هديه صلى الله عليه وسلم في قراءته للقرآن

هديه صلى الله عليه وسلم في قراءته للقرآن

كان صلى الله عليه وسلَّم في قراءته كما قال حذيفة: “يَقْرَأُ ‌مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بآيَةٍ ‌فِيهَا ‌تَسْبِيحٌ ‌سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ” رواه مسلم، وكما قال عوف بن مالك: “لا يَمُرُّ بِآيَةِ ‌رَحْمَةٍ ‌إلاَّ ‌وَقَفَ ‌فَسَأَلَ، ولا يَمُرُّ بآيَةِ عَذَابٍ إلاَّ وَقَفَ فَتَعَوَّذَ” رواه أبو داود وصححه الألباني، وكان صلى الله عليه وسلَّم إذا رأى موقفاً له ارتباطٌ بآيةٍ ذكَرَها لِما في ذلك من عظيم التدبُّر: “قَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَخَرَجَ فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الْآيَةَ في آلِ عِمْرَانَ: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ”، حَتَّى بَلَغَ: “فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ قَامَ، ‌فَخَرَجَ ‌فَنَظَرَ ‌إِلَى ‌السَّمَاءِ فَتَلا هَذِهِ الآيَةَ. كان صلى الله عليه وسلَّم تُؤثِّر فيه بعض الآياتِ تأثيراً يظهر على وجهه: “قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: “‌شَيَّبَتْنِي ‌هُودٌ، ‌وَالوَاقِعَةُ، وَالمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ” رواه الترمذي وصححه والألباني. كان صلى الله عليه وسلَّم يُطبِّقُ بعض الآياتِ عَمَلياً: “عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‌كَانَ ‌إِذَا ‌قَرَأَ: “سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى”، قَالَ: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى” رواه أبو داود والألباني. كان صلى الله عليه وسلَّم يظهر القرآنُ على أقواله وأفعاله: قال سعدُ ابن هشام لعائشة رضي الله عنها: “يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: “أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟” قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: “فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ” رواه مسلم، قال النووي “مَعْنَاهُ ‌الْعَمَلُ ‌بِهِ وَالْوُقُوفُ عِنْدَ حُدُودِهِ وَالتَّأَدُّبُ بِآدَابِهِ وَالاعْتِبَارُ بِأَمْثَالِهِ وَقَصَصِهِ وَتَدَبُّرُهُ وَحُسْنُ تِلاوَتِهِ. ومن هديه صلى الله عليه وسلم في قراءته للقرآن: بكاؤه حتى يُسمع لصدره صوتٌ كصوتِ غليان القدر: “عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي ‌وَلِصَدْرِهِ ‌أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ” رواه الإمام أحمد. وكان صلى الله عليه وسلم يسجد عند مروره بآية سجدة: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: “أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا ‌مَوْضِعًا ‌لِمَكَانِ ‌جَبْهَتِهِ” رواه مسلم.