يركز جميع الإختصاصيين على أهمية النظام الصحي حفاظاً على الصحة والرشاقة، ولإبعاد شبح الأمراض عنا، لكن ماذا لو تخطى الالتزام بهذا النمط الحد المقبول وبلغ الحد المرضي؟ وماذا لو أصبح هاجساً يتحكم في الشخص ويمنعه من ممارسة حياته الطبيعية ويُغرقه في مضاعفاته الخطيرة؟ وهو ما يُعرف بـ “الأورتوريكسيا” هي إحدى الحالات المرضية المرتبطة بالاضطرابات الغذائية التي يتم الحديث عنها أخيراً لارتباطها بالنظام الصحي، لكن بشكل مرضي لتجنب زيادة الوزن.
ويوضح اختصاصيو التغذية الحد الفاصل ما بين نمط الحياة الصحي الذي يرتكز على النظام الغذائي الصحيح وممارسة الرياضة، وتلك الحالة المرضية المنتشرة أكثر بين الفتيات.
“الأورتوريكسيا “
“الأورتوريكسيا” تعرف بالقهم العصبي أو فقدان الشهية العصبي، وهو مرض نفسي يدخل ضمن إطار الاضطرابات الغذائية والخوف من زيادة الوزن. فيحاول المصابون به عادةً التحكم بأوزانهم من خلال التركيز على الأكل الصحي، لكن بكميات قليلة جداً، والمبالغة في ممارسة الرياضة.
هم يعملون على تجويع أنفسهم ويلجأون إلى مختلف وسائل التحكم بالوزن كالعقاقير التي تخفّض الوزن وتلك المدرّة للبول. هذه الحالة مرتبطة بالأكل الصحي، لكنها تصل إلى حد الهاجس المرضي.
المراهقات الأكثر عرضة
فيما يتعرض 10 في المئة فقط ممن يتعرضون لها هم من الرجال، والنسبة الباقية من الفتيات، ويعتبر الرياضيون أكثر عرضةً لمواجهة هذه الحالة، يليهم من يعملون في مجال يُعنى بالتنحيف كاختصاصيي التغذية مثلاً، ومن ثم الأشخاص الذين سبق أن عانوا مشكلة زيادة وزن.
حالة معقدة قد تؤدي إلى الوفاة
هي حالة معقدة ترتبط بمكونات عصبية بيولوجية ونفسية، وبلوغها حداً معيناً زائداً قد يؤدي إلى الوفاة.
وتصنّف هذه الحالة كالأنوريكسيا، أو فقدان الشهية المرضي، إلا أنها ظهرت حالياً بمصطلح جديد نتيجة توجه الناس الزائد إلى خفض الوزن والتركيز على الأكل الصحي، فأصبح ذلك يظهر بشكل هاجس مرضي.
كيف تختلف الأورتوريكسيا عن الأنوريكسيا؟
تؤدي حالة الأنوريكسيا إلى التقيؤ أو غيره من الأعراض المرافقة في ظل السعي الدائم الى خفض الوزن بشكل سلبي ضار بالصحة، أما الأورتوريكسيا فهي عبارة عن خوف من زيادة الوزن من خلال نظام صحي صارم للغاية ومتشدد إلى حد مرضي. ومما لا شك فيه، تعتبر هاتان الحالتان من الحالات المرضية.
أسباب الأورتوريكسيا
أسباب الأورتوريكسيا الأساسية اجتماعية في الأصل نتيجة السعي إلى الحفاظ على الوزن بسبب التركيز على المظهر. إلى جانب الأسباب النفسية لعدم تقبل شكل الجسم والخوف من خسارة الصورة الذاتية كما زاد التركيز حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي الأمور سوءاً.
وبشكل عام، الذين يواجهون حالة الأورتوريكسيا، يركزون على الرياضة، بل يبالغون في ممارستها.
ويمكن أن يلاحظ المحيطون حالة الأورتوريكسيا لدى أحد الأفراد، خصوصاً أن من يعانيها يميل عادةً إلى تبرير حالته،
يميل من يواجه هذه الحالة إلى رفض الأكل رغم نحول جسمه، ويركز على أطعمة صحية، لكن قد تصل الأمور إلى حد الهاجس فيصبح تركيزه على أنواع معينة يتناولها بشكل دائم، كأن يتناول صنفاً واحداً.
كما يمارس الرياضة بشكل مبالغ فيه ويرفض أي نصائح غذائية. ومن الأعراض التي يمكن أن تظهر على مريض الأورتوريكسيا: فقر الدم والخلل في الدورة الشهرية وتساقط الشعر ونقص الماء في الجسم.
التمييز بين النظام الصحي وحالة الأورتوريكسيا
من الضروري اتباع نظام غذائي صحي، لكن تقليل الكميات بشكل زائد هو ما ليس مقبولاً، إلى جانب الإفراط في ممارسة الرياضة وبلوغها حد الهاجس.
المضاعفات التي قد تنتج من هذه الحالة
إلى جانب الأعراض التي تظهر كفقر الدم وتساقط الشعر ونقص السوائل في الجسم والخلل في الدورة الشهرية، تؤدي هذه الحالة إلى اضطرابات في الغدد الصماء، وتؤثر في الجهاز التناسلي والهورمونات، وتسبب ارتفاعاً في معدل الكورتيزول، وخللاً في إفراز الأنسولين في الجسم.
ويمكن أن تشكّل حالة الأورتوريكسيا خطورة كبيرة وتصبح مرضية عندما ينخفض مؤشر كتلة الجسم إلى ما دون 18 ويصبح فقدان الوزن زائداً، ونلاحظ تراجعاً في النمو، وخللاً في الهورمونات النسائية، خصوصاً تلك المسؤولة عن الدورة الشهرية، هنا تكون المشكلة وتصبح الحالة خطيرة. كما يترافق ذلك مع نقص في الفيتامينات، خصوصاً البوتاسيوم والزنك، ويظهر بهتان في البشرة ومشاكل في المفاصل وتجمع ماء في الساقين وتصبح العيون ذابلة… هذه كلّها من مضاعفات الأورتوريكسيا. كما تظهر في الوقت نفسه على المريض أعراض عاطفية وخوف من البدانة وتقلبات مزاجية وهواجس مرتبطة بالوزن ومزيد من الامتناع عن الأكل ومبالغة في ممارسة الرياضة مع انعزال عن الناس وتحسس زائد من كلامهم.
معالجة المرض
تعالج هذه الحالة على يد طبيب العائلة واختصاصية التغذية، إلى جانب العلاج النفسي. كما تلعب العائلة دوراً أساسا في دعم المريض. لكن يبقى تدخل الاختصاصي ضرورياً لمعالجة المشكلة قبل أن تتطلب الحالة دخول المستشفى.
ويكون العلاج على أساس الأعراض والمضاعفات إلى جانب العلاج النفسي. فهو ضروري لتعزيز الثقة بالنفس، إضافةً إلى دور اختصاصية التغذية في توجيه المريض من الناحية الغذائية وإرشاده إلى الطريق الصحيح في الغذاء.