إن من المآسي التي عمت في بعض المجتمعات الإسلامية السهر فيما لا فائدة منه، حتى أصبح عادة مألوفة وأسلوب حياة، وهذه مخالفة صريحة لسنن الله تعالى وتوجيهاته المنظمة لشؤون الحياة، قال تعالى ” وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ” الفرقان: 47، وقوله تعالى ” وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ” النبأ: 9 – 11. ولا شك أن لذلك تأثيراً سلبياً كبيراً على حياة الناس، فتضيع بسببها الكثير من الفرائض الشرعية، والعبادات المختلفة، والخيرات والبركات، وينعكس ذلك على تقدم المجتمع ورقيه، وقد حذر الله تعالى المخالفين لأمره وتوجيهاته بالفتنة والعذاب الأليم، فقال تعالى ” لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ” النور: 63. وسنشير إلى بعض التوجيهات الشرعية، والجوانب المهمة لهذه الظاهرة، ومنها:
أولاً: عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا. صحيح البخاري.
ثانياً: مظنة تضييع صلاة الفجر، والتي راتبتها لها ما لها من الأجر العظيم كما أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: “رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِن الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ” رواه مسلم. فكيف بها هي!!!
ثالثاً: قال صلى الله عليه وسلم: “بُورِكَ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا” رواه الترمذي، وفي هذا الحديث توجيه على أهمية العمل وقت البكور، والسهر ُيحرم الإنسان من هذه الفضيلة، وإن قام مبكراً أثّر ذلك على كفاءة العمل وجودته.
رابعاً: مما تتميز به الدول المتقدمة، تنظيم حياتها الاجتماعية، والعناية بالنوم المبكر، وعدم السهر إلا في وقت الإجازات.
خامساً: السهر دأب أهل الفساد، والقلوب الغافلة عن عبادة الله تعالى.