مع اقتراب موعد الاستحقاقات …هل ما زال الجزائري فاقدا لـ ”شهية” الانتخاب…- العزوف الانتخابي شبح تشريعيات 2017

elmaouid

 تستعد الجزائر لخوض غمار الانتخابات التشريعية  في ظل التعددية السياسية، على وقع تخوفات عديدة من عزوف المواطنين عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع بعد نسبة المشاركة المتدنية التي أفرزتها الانتخابات المُنَظمة خلال السنوات الأخيرة، ورغم عدم اكتمال ملامح القائمة النهائية للمترشحين، إلا أن رهان الأسماء المترشحة بالدرجة الأولى يكمن في كيفية وطريقة إقناع المواطن الجزائري لأداء واجبه الانتخابي قبل أن تقنعه بتبني برامجها.

ومع اقتراب أي موعد انتخابي في الجزائر، يعود معه الحديث عن ”عزوف” المواطن الجزائري عن المشاركة في الاقتراع، بشكل جعل نسبة المشاركة تتحول إلى ”ظاهرة” و”همّ” يؤرق السياسيين الذين ينبغي عليهم الغوص في الأسباب المؤدية لهذا العزوف، والبحث عن طريقة لإقناع المواطنين بالذهاب إلى صناديق الاقتراع من جهة والتصويت على برامجهم من جهة أخرى.

 

الأحزاب السياسية أمام امتحان الاقبال

باستدعاء رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للهيئة الانتخابية، تكون بوادر السباق الانتخابي نحو غرفتي البرلمان قد ظهرت، وهو السباق الذي سيدفع عشرات الأحزاب وآلاف المترشحين إلى الشروع في محاولة إقناع الملايين من الجزائريين بضرورة التوجه إلى مكاتب الاقتراع للتصويت أولا ثم بالتصويت لصالحهم ثانيا.

 

سباق برامج في الدول المتطورة وسباق بين أسماء الأحزاب والأشخاص في الدول النامية

تعتمد الانتخابات في المجتمعات المتطورة على المنافسة بين البرامج، في حين تقوم عندنا، حسب المتتبعين، على المنافسة بين أسماء الأحزاب والأشخاص، ومثلما جرت عليه العادة في المواعيد الانتخابية السابقة، لم ينتظر قادة الأحزاب الانطلاق الرسمي للحملة الانتخابية للشروع في استعراض عضلاتهم السياسية وبرامجهم الانتخابية، وبعدما كانت الحملة الانتخابية في المواعيد السابقة تدور حول شرح البرامج الانتخابية، فإن الحملة خلال الاستحقاق المرتقب ستتركز أساسا وقبل كل شيء على إقناع المواطن الجزائري للذهاب إلى مركز الانتخاب.

 

حالة من النفور وأخرى من اللامبالاة

ويبدو أن الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري لاسيما فئة الشباب غير مبالين بالانتخابات التشريعية، بل وأكثر من ذلك هناك البعض منهم لم يسمع بها إطلاقا، لعدة أسباب منها فقدان الثقة في الأحزاب

والأشخاص، وبحكم الإجماع واعتراف أغلبية الذين التقت بهم “الموعد اليومي” في مختلف شوارع العاصمة وخارجها، أن الانتخابات التشريعية المقبلة مهددة بهاجس ضعف الإقبال الشعبي عليها.

فبين الناخبين الجزائريين وصناديق الاقتراع، تولدت حالة من النفور والعزوف وحتى الامتناع والمقاطعة ولأسباب تفرض على السلطة والأحزاب والسياسيين والمختصين في علم الاجتماع، البحث عن السر وراء فقدان المواطن لـ ”شهية” الانتخاب.

هناك ممن التقيناهم من لم يسمع مطلقا عن وجود الانتخابات مثل الشاب “حسين” الذي يعمل بأحد المحلات التجارية بشارع ديدوش مراد والبالغ من العمر 35 سنة تعجب متسائلا عن أي انتخابات نسأله؟ لدرجة اعتقاده أن عهدة الرئيس قد انتهت.

من جهة أخرى، توقع البعض مشاركة ضعيفة في الانتخابات، فحسب زهير لقراط فيؤكد أن التشريعات المقبلة غير حاسمة وستكون ضعيفة بل أسوأ من سابقتها، لأن المجتمع الجزائري، حسب نفس المتحدث، قد فقد الثقة في الحزب

والشخص المرشح.

أما “س. و” أستاذ جامعي بكلية الآداب واللغات الأجنبية بجامعة الجزائر، فيؤكد أن العزوف الانتخابي ممكن جدا في التشريعيات المقبلة بسبب ضعف الأداء الحزبي، خاصة أن هذه الأحزاب أصبحت لا تظهر إلا في المناسبات وتقدم وعودا دون العمل بها وغير ملموسة.

ومن فئة الطلبة، التقينا الشاب “نسيم” سنة خامسة بمعهد الأشغال العمومية الذي أبدى عدم اهتمامه بالانتخابات التي تقبل عليها الجزائر، وأكد لـ “الموعد اليومي” أن الطلبة بصفة خاصة لن يقبلوا على الانتخابات – حسب قوله – لأن “المشاكل التي يتخبط فيها الطلبة كانت في يوم من الأيام اهتمامات كل الأحزاب السياسية، لنصبح ونمسي في حياة جامعية تفتقد لأدنى شروط الحياة خاصة في الأحياء الجامعية”، حسب ذات المتحدث.

وعن اقتناع تضيف “سيليا” طالبة جامعية من بجاية مؤكدة ما قاله “نسيم”، “الشعب الجزائري فقد الثقة في الأحزاب السياسية الكبيرة والصغيرة لأنها تظهر في المناسبات، أي أشهر قليلة قبل الانتخابات وخلال الحملة للتعريف ببرامجها ثم تختفي بعد ذلك إلى أجل غير مسمى، كما أن ظهورها في تلك الفترة لا يكون سوى لملء برنامج الحزب الذي يبقى حبرا على ورق ولا وجود لبرنامج ملموس بعد ذلك.

أما “علي” طالب في كلية العلوم السياسية والإعلام، فتحسر على ما تقوم به الأحزاب السياسية من أجل جذب أكبر عدد ممكن من الأشخاص إلى جانبها، وكذا شراء أصوات لملء القوائم الانتخابية، وقال “هذه الأحزاب التي تظهر في كل مرة وتعطي وعودا ولا تفي بها”، وأضاف: “أن الجزائر تتخبط في مشاكل اجتماعية لم تجد من يحلها، وعند اقتراب موعد الانتخابات، نجد الأحزاب الموجودة تعيد نشاطها ونرى أحزابا أخرى تتأسس وتخلق برامج تلهيهم وتنسيهم في مشاكلهم، لتضع البرنامج على الهامش بعد فوزها بمقاعد من المجلس الشعبي الوطني، وتبقى الوعود وعودا والحلول حبرا على ورق.

أما “عائشة” أم لـ 6 أولاد متقاعدة فتقول: “من المستحيل أن أنتخب وهذا لا يعني أني لا أحب بلدي بالعكس تماما من هذا، فأنا أحب بلدي وكنت من النوع الذي لا يفوت هذه المناسبات، لكني بمرور الوقت وبعد تأكدي من عدم تغير الأمور صرت لا أهتم أبدا بالانتخابات”.

من جهته، قال “جمال” إطار بإحدى الشركات العمومية: “أنا شخصيا ضد الانتخابات ولن أنتخب، انتخبت مرة فقط في حياتي ثم اقتنعت يومها أن الانتخابات في الجزائر لا تنفع ولا تغير الوضع”.

أما “يوسف” مهندس دولة في الإعلام الآلي ومقيم بفرنسا فيؤكد عدم اهتمامه بالانتخابات وحتى  الجالية الجزائرية في فرنسا، وقال بأن الأحزاب السياسية تتلاعب بالعقول والضمائر، ولا شك أن الجزائري أصبح اليوم واعيا ولن يتعب نفسه في الذهاب إلى مكاتب الاقتراع، وأكد أنه مقتنع أن نواب البرلمان لم ينتخبهم الشعب وإنما حصلوا على المقاعد بطرق ملتوية وغير شرعية، ضف إلى ذلك أن النائب في الجزائر يسعد براتبه ثم يبحث عن مصالحه الشخصية.

 

… ومن المواطنين من يراه حقا له وواجبا عليه

من جهة أخرى، هناك من الجزائريين الذين يمكن عدهم متحمسين ليوم 04 ماي، منهم السيدة “صليحة” البالغة من العمر 57 سنة التي تؤكد مدى تفانيها في خدمة الواجب الوطني قائلة: “إن هذه الانتخابات فرصة لإثبات وجودي وإعطاء فرصة التعبير عن رأيي، حتما سأنتخب وأختار الحزب الذي أعرفه والشخص الذي يعجبني”.

نفس الاهتمام توليه “سمية” لموعد الانتخابات، وهي إحدى المنخرطات في جمعية خيرية “يوم 04 ماي مهم جدا عندي، وأكيد سأنتخب ولأنه حقي وواجب علي تجاه وطني ولأنني جزائرية ولي شبر في هذا البلد سأؤدي واجبي الانتخابي، وسأختار البرنامج الذي أراه مناسبا لتحقيق طموحات الجزائريين خاصة الشباب منهم”.

أما محمد مزاريو الشاب الذي يبلغ من 18 سنة والذي يهمه أمر الانتخابات كذلك يقول “عندي حق في هذا الوطن ورأيي يستطيع أن يكون منعرجا حاسما في تغيير مسار نتائج الانتخابات، فمشاركتي مهمة ولن أبخل وطني بفعلي السياسي الذي يعتبر حقا وواجبا”.