في مواجهة الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تشهدها منطقة الساحل الإفريقي، اختارت الجزائر انتهاج استراتيجية أمنية متكاملة تقوم على اليقظة والتدخل الاستباقي، وذلك للتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف التي باتت ترتبط بشكل مباشر ومتشابك مع مختلف أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وتأتي هذه الاستراتيجية، في إطار إدراك الجزائر العميق للمخاطر المتنامية في محيطها الإقليمي، خاصة مع تمدد نشاط الجماعات الإرهابية التي تستغل هشاشة الأنظمة في بعض دول الجوار لتوسيع رقعة تحركها وتهديد أمن واستقرار المنطقة برمتها. وفي هذا السياق، تواصل وحدات الجيش الوطني الشعبي، بكل حزم واحترافية، تنفيذ عمليات نوعية في مجال مكافحة الإرهاب، مركزة على تضييق الخناق على ما تبقى من فلول الجماعات الإرهابية داخل الحدود الوطنية، مع القضاء على بؤر تحركهم وتفكيك شبكات الدعم والإمداد. وتعد هذه الجهود جزءا من رؤية شاملة تتبناها الجزائر لحماية أمنها القومي، ومنع أي امتداد محتمل للتنظيمات الإرهابية نحو أراضيها، خاصة في ظل المعطيات التي تؤكد وجود تداخل خطير بين الإرهاب وتجارة السلاح والمخدرات وتهريب البشر في فضاء الساحل. الجيش الوطني الشعبي، وفي تنسيق تام مع مختلف الأسلاك الأمنية، أثبت مرة أخرى جاهزيته العالية في التعامل مع مختلف التهديدات، مع الحفاظ على التلاحم الشعبي والدعم المجتمعي الذي يعد ركيزة أساسية لنجاح أي مقاربة أمنية فعالة. وتسعى الجزائر من خلال هذا النهج إلى تحصين جبهتها الداخلية، وفي الوقت ذاته، مواصلة الدعوة إلى تعاون إقليمي ودولي أكثر جدية وصرامة في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه.
محمد بوسلامة