يتسبب في ازدياد الضغوط النفسية والاجتماعية.. البلوغ المبكر وخطر الإيذاء الذاتي

يتسبب في ازدياد الضغوط النفسية والاجتماعية.. البلوغ المبكر وخطر الإيذاء الذاتي

الوصول إلى مرحلة البلوغ يعني أن الطفل أصبح مسؤولاً عن أفعاله بشكل أكبر، ورغم النمو الفعلي والفسيولوجي للمخ في هذه المرحلة، فإن الوصول إلى البلوغ في وقت مبكر ربما يحمل مخاطر إيذاء النفس، تبعاً لأحدث دراسة بريطانية ناقشت هذا الموضوع .

أرجع الباحثون الإيذاء الذاتي إلى الضغوط المبكرة التي تحملها فترة البلوغ بتغيراتها الفسيولوجية والنفسية على الطفل. وكلما كان الوصول إلى البلوغ في عمر مبكر؛ زادت حدة تلك الضغوط على الأطفال ودفعتهم إلى تصرفات خاطئة يمكن أن تؤدي إلى إيذائهم على المستويين النفسي والجسدي.

ضغوط نفسية

أكد الباحثون أن كثيراً من الأمور يمكن أن تتداخل وتؤدي إلى إيذاء النفس؛ ومنها الهرمونية والفسيولوجية ونمو المخ، ولكن يظل أهم العوامل في إيذاء النفس هو الضغط النفسي والاجتماعي الذي يعاني منه المراهق ويختلف بطبيعة الحال باختلاف البيئة والظروف المحيطة، وتزيد نسبة حدوثه مع تعرض المراهق للتنمر سواء الفعلي بين الأقران؛ والإلكتروني، والمعاملة السيئة من الأسرة، والتعرض للاعتداء الجسدي من الأهل، وتعاطي المواد المخدرة وإدمان الكحوليات؛ وأيضاً التعرض للاعتداءات الجنسية؛ خصوصاً الفتيات. وتتفاقم المشكلة إذا كان المعتدي من دائرة المراهق المقربة أو من أفراد أسرته.

وقد وجد الباحثون أن الوصول إلى ذروة الطول (البلوغ المبكر) ارتبط بزيادة احتمالات الايذاء بنسبة 15 في المائة لدى الفتيات على الطبيعي في عمر 16 عاماً، بينما كانت نسبة زيادة الخطورة لدى الذكور هي 28 في المائة. ويتضح أن النسبة لدى الذكور أعلى حتى لو كانت النسبة الكلية أقل من أقرانهم. وفي المقابل؛ كانت النسب أقل لدى الذكور والإناث الذين حدث لهم البلوغ متأخراً عن الطبيعي.

دوافع مختلفة

وتختلف دوافع ارتباط البلوغ المبكر بإيذاء النفس باختلاف الجنس. ولدى الفتيات يكون إيذاء النفس نابعاً من ظهور العلامات الجنسية على الطفلة بشكل مبكر من دون استعداد نفسي كاف، وتحول جسدها إلى فتاة ناضجة وما يتبعه من تحرشات سواء لفظية أو حتى مجرد النظر. وأيضا تمثل “صورة الجسد” بالنسبة للفتاة ضغطاً نفسياً؛ سواء بالامتلاء الزائد أو النحافة أو تشوهات القوام. وبالنسبة للذكور تمثل فكرة الاستقلالية والتصرف بوصفهم بالغين ضغطاً نفسياً على الأطفال الذكور من دون وجود استعداد عاطفي واكتساب خبرات كافية.

أوضح الباحثون أنه من الضروري نصح المراهقين بتقبل أجسادهم بصفتها جزءاً من النمو الطبيعي، وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم بحرية للآباء، وعدم السخرية والاستهانة بالقلق حيال الجسد، والتصرف تبعاً لما يشعرون به؛ وليس المفروض عليهم من قبل المجتمع.

وهذا يعني أن الطفل الذكر ليس عليه أن يتحمل مسؤوليات معينة لمجرد تغير شكله الظاهري، وأن النضج يأتي بالتدريج، ومن العادي ارتكاب أخطاء في أي مرحلة عمرية، أو الرغبة في اللهو واللعب. وكذلك الفتيات يتعين على الأمهات نصحهن بتقبل الجسد من دون الوضع في الحسبان المعايير الاجتماعية المختلفة أو الصورة المثالية للجسد كما تصورها وسائل الإعلام، وأيضاً فتح قنوات حوار بين الأمهات والمراهقات بحيث يمكن للفتاة أن تصرح لوالدتها في حال حدوث تحرش أو اعتداء جنسي، وإيضاح أن إيذاء النفس لا يحل المشكلات النفسية؛ بل يعمقها، وكذلك أن اللجوء إلى المواد المخدرة يدخل المراهق في دائرة مفرغة من المشكلات.