في تصعيد غير مسبوق للحملة القمعية، يواجه خمسة صحفيين ومدونين وحقوقيين مغاربة محاكمات متزامنة، في خطوة تعكس تغوّل النظام في استهداف الأصوات الحرة، فالقضاء، الذي يفترض أن يكون حصن العدالة، بات أداة لتكميم الأفواه، مما يعكس واقعًا مقلقًا لحقوق الإنسان والحريات بالمغرب. يتصاعد هجوم النظام المغربي على الحقوق والحريات, خاصة ضد الصحفيين والمدونين والحقوقيين الذين يفضحون ممارساته المنافية للقوانين, حيث برمج، الإثنين، القضاء المخزني 5 محاكمات في يوم واحد في سابقة خطيرة تعكس طبيعة النظام الاستبدادي الذي يسعى لتكميم الأصوات الحرة. وتخص هذه المحاكمات الصحفية لبنى الفلاح بالمحكمة الابتدائية للدار البيضاء, الصحفي حميد المهداوي باستئنافية الرباط, المدون رضوان القسطيط بابتدائية طنجة, المدون محمد بوستاتي بمدينة خريبقة, وكذا النطق بالحكم في قضية الحقوقي فؤاد عبد المومني بالمحكمة الابتدائية للدار البيضاء. وفي تعليقها على الموضوع, أكدت الحقوقية المغربية والمعتقلة السياسية السابقة سعيدة العلمي أن هذا الأمر “ليس صدفة بل مقصود في دولة اختارت فيها العدالة شريعة الغاب في جميع إجراءات التقاضي, وهم يعلمون بل ويجزمون أن الحق سيكون لأصحاب القوة والنفوذ وليس للضحايا الحقيقيين”. كما أكدت على أن “هذه المحاكمات الصورية تعكس الوجه الحقيقي للطبقية والبطش والسادية, فلا شيء يهين مؤسسة القضاء سوى مقاطعة المحاكمات, طعنا في نزاهتها ومصداقيتها”. هذا وأعرب الفضاء المغربي لحقوق الإنسان في بيان له، عن استيائه الكبير من متابعة المدون ومناهض التطبيع محمد بوستاتي في حالة اعتقال من قبل النيابة العامة لابتدائية خريبقة وإدراج أولى جلسات محاكمته اليوم الاثنين على خلفية تدوينات له عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ودعا الفضاء المغربي الى الإفراج فورا عن محمد بوستاتي, “إنصافا له وانتصارا لمبادئ الحقوق والحريات التي نادى بها الدستور المغربي, وكفلتها المادة التاسعة عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, والتي اعتبرت حرية الرأي والفكر والتعبير مكفولة بكل أشكالها”.
كما وجه الفضاء المغربي, نداءه إلى كل الأحرار والضمائر الحية وإلى مكونات الأسرة الحقوقية “بتشكيل جبهة ممانعة وقوة احتجاجية ضاغطة في اتجاه الدفاع عن الحقوق والحريات, والمطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومناهضي التطبيع بالمغرب وعلى رأسهم الناشط رضوان القسطيط”. وفي سياق ذي صلة, نشر موقع إخباري مغربي مقال رأي جاء فيه أن “أسوأ شيء تقوم به الدولة أن تعزف لحنين متناقضين في الوقت نفسه, من جهة تبشر بدولة الحقوق والحريات (…) ومن جهة أخرى تطلق يد الإدارة في انتهاك حقوق الإنسان, والتضييق على الخصوم بأساليب الماضي”, مردفا: “هذا النوع من العزف لا يصنع سيمفونية, بل ضجيجا يؤذي السامعين”.
أ.ر