♦ مسودة الدستور ستوزع على الأحزاب والصحافة الأسبوع المقبل
♦ لا سنة بيضاء والبكالوريا سيتم اجتيازها
♦ المشاريع السكنية ستبقى قائمة رغم الأزمة الاقتصادية
♦ الاستدانة الخارجية مرفوضة وطبع النقود مستبعد
♦ استقرار احتياطي الصرف بفضل محاربة تضخيم الفواتير
♦ الخروج من التبعية البترولية بقدرات فلاحية وصناعية جزائرية
الجزائر -فتح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في مقابلة صحفية مع عدد من ممثلي وسائل إعلام وطنية، عدة ملفات وأزال اللبس عن عديد المواضيع التي تهم المواطنين خاصة في ظل الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد جراء تفشي جائحة كورونا وما انجر عنها من تداعيات اقتصادية عالمية انعكست بالسلب على أسعار المحروقات.
وأكد رئيس الجمهورية خلال رده على سؤال متعلق بتعامل الدولة مع تفشي فيروس كورونا في البلاد، أن الدولة الجزائرية تركز كامل اهتمامها على حماية المواطنين وليس حماية الاقتصاد الوطني الذي يبقى في المرتبة الثانية من اهتمامها، ولو أن الحكومة تسعى جاهدة للموازنة بين ذلك.
وقال “مهمتنا والتزامنا يتمثل في حماية الشعب قبل كل شيء، وإذا كانت هناك بلدانا تفضل الاقتصاد على حياة المواطن فنحن خلاف ذلك نفضل حياة المواطن على الاقتصاد”.
وأكد في هذا المجال بأن الحكومة “حاولت وضع توازن بين الحجر الصحي وحماية ما يمكن حمايته من الاقتصاد الوطني بإعادة فتح بعض الأنشطة التجارية ” لافتا الى ان المشكل “ليس في تخفيف الحجر او إعادة فتح المتاجر لكن في تصرفات المواطنين” من خلال مظاهر الاكتظاظ أمام المحلات وهو أمر لا تفسير له”.وشدد الرئيس على أنه إذا كان هذا الإجراء سيتسبب في هلاك المواطنين او وضعهم في خطر سوف نغلق كل شيء (المحلات التجارية) ونعود إلى إجراءات أكثر صرامة”.وجدد رئيس الجمهورية التزامه بالتكفل بالصناعيين والتجار الذين سجلوا خسائر جراء اجراءات الحجر الصحي موضحا بان “الحكومة تعكف على دراسة سياسة محكمة لمساعدتهم”, بحيث تعمل على احصاء المتضررين الفعليين لاسيما من خلال تخفيف الضرائب. وبالموازة مع ذلك، سيتم التكفل أيضا بالحرفيين والمهن الحرة وأصحاب المداخيل اليومية المتضررين من الجائحة.
الدستور وقانون الانتخابات
وفي رده عن سؤال بخصوص التغيير السياسي المنشود الذي وعد به والذي يستند الى مؤسسات جديدة وقوية للدولة، كشف رئيس الجمهورية انه أعطى تعليمات للشروع في طباعة مسودة التعديل الدستوري و إرسالها للفعاليات السياسية و المدنية و وسائل الإعلام لمناقشتها و هذا بدء من الأسبوع المقبل، وذلك من اجل تفادي تضييع الوقت حتى في حال استمرار الحجر الصحي المفروض حاليا نتيجة تفشي وباء كورونا”.
كما أشار الرئيس تبون إلى انه تم التقدم في مسار تعديل قانون الانتخابات الذي تسهر على إعداده لجنة مختصة أسندت لها هذه المهمة, “لتخرج الجزائر في الأخير بمؤسسات أخرى قوية مع نهاية السنة”، مؤكدا التزامه بتجسيد هذا المسعى.
حرية التعبير والصحافة
وفيما يخص حرية التعبير في الجزائر والتي أسالت الكثير من الحبر مؤخرا، أكد الرئيس تبون أنها مضمونة بالجزائر ولكن في حدود “احترام القانون والابتعاد عن التهويل”، مشيرا إلى اعتماده في تعامله مع الصحافة الوطنية على “الحوار المستمر والإقناع وليس القمع”.
و لفت رئيس الجمهورية إلى وجود بعض الغلطات التي “يقوم بها صحفيون نتيجة نقص التكوين أو قلة التجربة، لكنهم يعملون على تصحيحها، لكن هناك من يتعمدون ذلك اعتمادا على جهات أجنبية”.
وأشار الرئيس الى أن الصحافة في الجزائر لا يمكن اختزالها في 3 أو 4 صحفيين ينتمون لوسائل إعلامية ممولة من الخارج، مبديا استغرابه من هؤلاء الذين يعتمدون على التمويل الأجنبي من اجل “تكسير المؤسسات الوطنية, ليدرجوا ما يحدث لهم نتيجة ذلك تحت باب المساس بحرية التعبير”.
واعطى الرئيس مثالا بصحفي تم استنطاقه لكونه أدلى بكلام قوي عن الدولة الجزائرية ليذهب بعدها لسفارات دول أجنبية يقوم فيها بعرض حال حول ما حصل”, معتبرا ذلك” ليس ببعيد عما يقوم به العميل المخابراتي”.
وفتح الرئيس النار على رئيس منظمة “مراسلون بلا حدود الذي “يدعي الديمقراطية غير أن منظمته لا تتحرك إلا عندما يتعلق الأمر بنا”, متوقفا عند تاريخ أجداده الاستعماريين، “لينتهي الأمر به إلى أن أصبح رئيس بلدية ممثلا لحزب متطرف”.و بالمقابل، أشاد الرئيس تبون بالكفاءات الصحفية التي تتوفر عليها الجزائر، فضلا عن إسناد تسيير قطاع الاتصال إلى عمار بلحيمر “احد أكبر الصحفيين بالبلاد”، كما جدد التزامه بدعم حرية التعبير.
تعامل مع مطالب اجتماعية
وتحدث الرئيس عن مطالب اجتماعية لعدة فئات من المجتمع، وفي حديثه عرج على فئة الأساتذة وإجراءات التهدئة التي تنوي الحكومة اتخاذها مستقبلا, لتفادي حدوث اضطرابات اجتماعية، حيث أكد على أن “شراء الذمم ممنوع”, مشيرا إلى أنه سيسهر على حل المشاكل الاجتماعية و هي “مهمة ألتزم بها لكن بصفة عقلانية”.و في معرض حديثه عن هذا الشق, خص الرئيس تبون الأساتذة, مؤكدا على أنه سيعمل على حل مشاكلهم المتعلقة بالأجور والقوانين الأساسية و غيرها، لكن وفقا لرزنامة يتم تجسيدها بصفة تدريجية.
مصير شهادة البكالوريا
وفيما يخص مصير شهادة البكالوريا هذا الموسم عقب تعليق الدراسة في ظل تفشي وباء (كوفيد-19 )، أكد رئيس الجمهورية أنه “سيتم اجتيازه”, كما أنه “لن تكون هناك سنة بيضاء”, غير أن التدابير التي ستتخذ في هذا الاتجاه, تبقى مرتبطة بالمنحى الذي تأخذه أزمة فيروس كورونا خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أنه “لن يتدخل في طبيعة هذه التدابير، سواء تعلق الأمر بتحديد عتبة للدروس أو غير ذلك من الحلول التي يمكن اللجوء إليها، مؤكدا أن الأمر يبقى متروكا للأساتذة ومسيري القطاع”.وفيما يتصل بقطاع التعليم العالي, أشاد رئيس الجمهورية بروح الابتكار لدى الشباب الجزائري والتي اعتبرها أحد أهم الأمور التي أبانت عنه أزمة كورونا، مثمنا ” ثروة الأدمغة” التي تتوفر عليها الجزائر والتي تعني “خلق الثروة من لا شيئ”.
مشاريع سكنية خلال أزمة اقتصادية
وعن مشاريع السكن, اكد رئيس الجمهورية التزامه بمواصلة مختلف البرامج السكنية بالنظر لأهميتها في التنمية البشرية في البلاد.
وتابع قائلا: “مشاريع السكن لن تتوقف لأن مقاصد هذه السياسة تتجاوز بكثير مجرد بناء سكنات، فنحن لا نرضى لجزائر اليوم ان يعيش في البلاد طبقتان واحدة تسكن سكنات هشة واخرى سكنات لائقة, هذا يولد صراعا اجتماعيا”.
خيار اللجوء الى الاستدانة الخارجية وطبع الأموال
وفيما يخص قانون المالية التكميلي للسنة الجارية، كشف رئيس الجمهورية أنه سيتضمن تخفيضا لبعض الضرائب والغاء ضرائب أخرى مع تشديد الرقابة على التجارة الخارجية.
وشدد رئيس الجمهورية على أن خيار لجوء الدولة الى الاستدانة الخارجية في هذا الوقت مرفوض ومستبعد تماما وقال في هذا الصدد الدولة لن تلجأ الى الاستدانة الخارجية و لا لطبع النقود لمواجهة احتياجاتها المالية في ظل تهاوي أسعار النفط بل ستلجأ الى “الاقتراض من الجزائريين”.
احتياطي صرف مستقر
وبخصوص احتياطي الصرف في الجزائر، أكد رئيس الجمهورية أنه مستقر ووتيرة إنفاقه ستكون أقل سرعة من السنوات الماضية وذلك بفضل “القضاء” على ظاهرة تضخيم الفواتير و كذا تضخيم تكلفة المشاريع بالجزائر.
واضاف بأن بعض المتتبعين يقيسون حجم هذا الاحتياطي بما كان الاقتصاد الجزائري يشهده في السنوات الماضية والتي كانت تعرف تضخيما في الفواتير يتجاوز 30 بالمائة.
وتابع قائلا”: ” قضينا على التضخيم ونحن بذلك نقتصد حوالي 30 بالمائة من احتياطاتنا من العملة الصعبة”.ومن عوامل التحكم في احتياطات الصرف، لفت رئيس الجمهورية أيضا إلى “التحكم في الواردات بحيث لن يتم استيراد إلا ما تحتاجه البلاد فعلا”.وتقدر قيمة المواد الغذائية الضرورية التي تحتاجها البلاد بحوالي 9 مليار دولار سنويا، وأكد بان الكثير من المواد المستوردة سابقا ستنتج محليا وبالتالي سيحظر استيرادها.
أزمة البترول والخروج من تبعيته
وفي تحليله للوضع الاقتصادي الراهن، اعتبر رئيس الجمهورية بأن الازمة النفطية التي تعرفها الجزائر وبقية الدول المنتجة للنفط “جد ظرفية” وليست أزمة هيكلية معربا عن تفاءله بعودة أسعار النفط إلى الصعود تدريجيا مع عودة النشاط الاقتصادي في مختلف دول العالم.
وأشار الرئيس الى أن “الاقتصاد الوطني الذي ظل أسيرا للمحروقات منذ أزيد من ثلاثين سنة، يمتلك حاليا قدرات كبيرة تجعلنا متفائلين”.
وفي معرض حديثه عن هذه القدرات ،أشار بشكل خاص إلى قطاع الفلاحة التي تنتج ما يفوق 25 مليار دولار أي ما يعادل مداخيل النفط.
واعتبر بأن هذا القطاع يمكنه أن يولد قيمة مضافة عالية إذا قام بإدماج الصناعات التحويلية مذكرا بقراره القاضي بدعم المستثمرين الراغبين في إنجاز مشاريع تعتمد على مواد أولية محلية بقروض بنكية تصل إلى 90 بالمائة من قيمة المشروع.
كما يمكن للفلاحة الصحراوية من جهتها تقليص فاتورة الواردات بشكل كبير، وفي هذا الإطار، أكد ان وزارة الفلاحة تعمل حاليا على توسيع زراعة الحبوب في المناطق الجنوبية قصد تقليص ورادات البلاد من هذه المادة ب20 إلى 30 بالمائة و”هوما سنصل إليه فعلا بنهاية السنة الجارية”.
كما لفت إلى الامكانيات المتوفرة في مجال زراعة المواد الاولية المستخدمة في انتاج الزيت والسكر في هذه المناطق بشكل يلبي جميع الاحتياجات الوطنية.وأشار من جهة اخرى إلى وجود ثروات طبيعية هائلة غير مستغلة مثل المعادن النادرة إضافة إلى الذهب والألماس واليورانيوم والنحاس وغيرها.وبهذا الخصوص, اعلن عن التحضير لإطلاق مشاريع استغلال لهذه الثروات حيث امر وزارة الصناعة بالقيام بإحصاء دقيق لها وبإعداد دفتر أعباء وبنوك أعمال خاصة بها.واعتبر بأن التوجه نحو هذه المعادن غير المستغلة يعد ضرورة بالنظر لكون الاستهلاك المحلي للطاقة والذي يغذيه تحسن ظروف المعيشة في البلاد، ينمو بوتيرة ستجعل من الثروات النفطية غير كافية لتلبية الحاجيات الوطنية في غضون سنوات.
غير أن الثروة الحقيقة للبلاد تكمن, حسب الرئيس تبون, في شبابها المبتكر والذي أثبت جدارته خلال هذه الأزمة الصحية, مشيرا إلى تمكن هؤلاء الشباب في بضع اسابيع من تصنيع عدة تجهيزات طبية على غرار أجهزة التنفس الاصطناعي وأجهزة الاختبار السريع لفيروس كورونا والذي سيشرع في انتاجه في غضون عشرة ايام بولاية البويرة.
وفي هذا السياق, شدد على دور الجامعة في دعم اقتصاد المعرفة وعلى أهمية ربطها بالسوق مضيفا بانه وجه تعليمات لوزير التعليم العالي تقضي بالسماح للجامعات بفتح مكاتب دراسات تمكن المتعاملين الاقتصاديين من الاستفادة منها بمقابل مادي.
موقف الجزائر في ليبيا
ولدى تطرحه إلى الملف الليبي، جدد الرئيس تبون التأكيد على استعداد الجزائر لمواصلة مساعدتها للشعب الليبي من اجل الخروج من أزمته متأسفا في الوقت ذاته من “الانزلاقات الخطيرة” الجارية في هذا البلد خاصة في شهر رمضان الكريم.وقال رئيس الجمهورية “اننا مع الشرعية الشعبية في ليبيا ونريد أن يكون حل المشكل ليبي- ليبي”
م/ع










