♦ تقليص التبعية للمحروقات وتصدير ما لا يقل عن 5 مليارات دولار قبل 2022 لتبقى سيادتنا كاملة”
♦ رفض تام للجوء الى الاستدانة الخارجية مهما كانت
الجزائر -حث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الثلاثاء، من الجزائر العاصمة، على ضرورة دعم التصدير والاستثمار وابرز مساعي الدولة الجزائرية في ذلك من خلال حزمة من الإجراءات التي ستطبق من أجل بعث اقتصاد جديد قائم على التنوع وخلق ثروة مستديمة.
وأوضح الرئيس تبون، خلال إشرافه على افتتاح “الندوة الوطنية حول الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي من أجل اقتصاد جديد”، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال أن الندوة “تعقد في ظرف استثنائي تواجه فيه الجزائر أزمة مزدوجة فرضت عليها والمتمثلة في انخفاض عائدات النفط وجائحة كوفيد 19 التي أهلكت أقوى اقتصادات العالم”.
وبالمناسبة، جدد رئيس الجمهورية “امتنان وتقدير الأمة جمعاء لمستخدمي الصحة العمومية من أطباء وشبه طبي وعمال الصحة ومختلف الأسلاك الأمنية والحماية المدنية ولكل من ساهم من قريب او بعيد وبأي شكل من الأشكال في مكافحة جائحة كوفيد 19، على ما بذلوه من جهود وتضحيات لتخليص البلاد من هذا الوباء الذي حصد مئات الآلاف من الأرواح البشرية في العالم والحق ضررا بالاقتصاد العالمي إلى درجة أن أقوى الاقتصادات تصطدم بصعوبات جمة في العودة الى مستويات سابقة من النمو”.
تشجيع الاستثمار ودعم المستثمرين
ورغم اعترافه بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، الا أن الرئيس تبون أبان عن بعض المؤشرات التي من شأنها تذليل المرحلة على غرار وجود احتياطي صرف معتبر بالإضافة الى وجود متاحات بنكية لفائدة الاستثمار ناهيك عن توقعات بتسجيل أرقام معتبرة من العائدات النفطية مع نهاية السنة.
وكشف الرئيس تبون عن رقم احتياطي الصرف الجزائري والذي يقدر حاليا بـ57 مليار دولار وتوقع تسجيل عائدات نفطية بـ24 مليار دولار مع نهاية السنة الجارية، مشيرا الى اعداد ميزانية 2020 على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط بـ30 دولارا في الوقت الذي يتراوح فيه متوسط سعر النفط حاليا حول 44 دولارا، ما يعطي أريحية في تمويل الميزانية.
كما كشف الرئيس تبون عن وجود متاحات بنكية لفائدة الاستثمار ب1900 مليار دج ستخصص لفائدة المستثمرين لغاية نهاية سنة 2020. وإلى جانب هذه الموارد البنكية المتاحة، كشفت عن امكانية تخصيص ما يتراوح بين 10 الى 12 مليار دولار خلال السنة الجارية من احتياطات الصرف لتمويل الاستثمارات.
وعاد الرئيس تبون مرة أخرى ليؤكد من جديد رفضه التام للجوء الى الاستدانة الخارجية مهما كانت قائلا: “أرفض اللجوء لصندوق النقد والبنك الدولي رفضا تاما وأرفض حتى الاستدانة لدى دول صديقة وشقيقة…هكذا سيادتنا ستبقى كاملة”.
وقال في هذا السياق: “اللجوء الى التمويل الخارجي تحت مبرر واه لن يتكرر…لقد خصصنا على مستوى البنوك 1900 مليار دج الى غاية نهاية 2020 لمن يريد الاستثمار”.
ورغم أنه أكد بأن الاستثمار في المشاريع الثقيلة يبقى مفتوحا شريطة أن يوفر قيمة مضافة عالية، دعا الرئيس تبون المستثمرين الى الابتعاد قدر المستطاع عن هذا النوع من الاستثمار قائلا “لماذا نمول انشاء مصنع بـ750 مليون دولار (مثلا) عوض تمويل 10 مصانع بـ75 مليون دولار للمصنع”.وقصد تشجيع الاستثمار والمستثمرين، أعلن الرئيس تبون عن رفع التجريم على فعل التسيير “لتمكين المستثمرين من القيام بمشاريعهم بكل اريحية”، ودعا على وجه الخصوص الى الاستثمار في تطوير الصناعات التحويلية لتفادي استيراد منتجاتها.
فتح الاستثمار في مجالات وقطاعات جديدة
كما أكد رئيس الجمهورية، أنه لا مانع من إنشاء بنوك خاصة وشركات خاصة للنقل الجوي و البحري للبضائع وللمسافرين، معربا عن استعداده لفتح مجال الاستثمار في هذه القطاعات قائلا : ” لا أمانع اليوم إنشاء مستثمرين خواص لشركات خاصة للطيران و النقل البحري للبضائع وللمسافرين و كذلك لبنوك”.
وبعد أن دعا المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية إلى العمل على تقليص فاتورة استيراد الخدمات، ذكر رئيس الجمهورية أن فاتورة خدمات النقل تقدر بـ12.5 مليار دولار سنويا منها 3.4 مليار دولار خصصت لتسديد تكاليف النقل البحري للبضائع، مشددا في السياق انه “أصبح من الضروري إيجاد حل لهذه الوضعية” من اجل تقليص التحويلات المالية من العملة الصعبة للخارج.وبخصوص البنوك، قال الرئيس تبون: “ما المانع أن يكون في القطاع البنكي خواص يؤسسون بنوكا، ممكن بالشراكة مع بنوك عمومية…” داعيا إلى إعادة النظر في النظام البنكي الجزائري الذي وصفه ب”مجرد شبابيك عمومية”.
حزمة إجراءات لتشجيع المصدرين
بمقابل ذلك، أعلن رئيس الجمهورية، عن حزمة من الإجراءات التي ستطبق من أجل تشجيع المصدرين و بعث الصادرات الجزائرية خارج المحروقات من بينها إنشاء أروقة خضراء لفائدة صادرات بعض المواد كما أعلن عن استعداد الدولة لـ” التنازل عن جزء وافر من العملة الصعبة التي يتحصل عليها المصدرون” إلى جانب “تحسين أوضاعهم مع وزارة المالية ومع إدارة الضرائب قصد مساعدتهم على أن يصبحوا مصدرا من مصادر تمويل البلاد من العملة الصعبة”.
وبعد أن كشف الرئيس عن إجراءات تحفيزية ستطبق لفائدة المصدرين، حت على ضرورة رفع الصادرات خارج المحروقات الى ما لا يقل عن 5 مليارات دولار اواخر سنة 2021 قصد الخروج من التبعية لعائدات المحروقات.واعتبر الرئيس اعتماد الاقتصاد الوطني بصفة شبه كلية على ريع وعائدات المحروقات هو”اعتماد قاتل للذكاء و المبادرات” مؤكدا على ضرورة “رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات لتبلغ سنة 2021 ما قيمته 5 مليارات دولار مقابل 2 مليارات دولار حاليا”.
وأضاف انه ابتداء من السنتين القادمتين، سيتم تقليص الاتكال على عائدات المحروقات إلى 80 بالمائة على الأقل مقابل 98 بالمئة حاليا.وقال بخصوص تحقيق هذا الهدف: “هذا ممكن جدا والإرادة السياسية قوية والرؤية واضحة”، وأكد في نفس السياق على ضرورة مساهمة قوية للدبلوماسية الجزائرية في تشجيع ولوج المنتجات الجزائرية الى الأسواق الخارجية.
وبعد أن حيا المتعاملين الذين يصدرون منتجات ذات قيمة مضافة عالية أكد عزم الدولة على تشجيع المصدرين المنتجين لقيمة مضافة و ليس من “يدعي تصدير السيارات مثلا و هو في الحقيقة ينفخ الهواء في العجلات فقط” في اشار إلى صناعة تركيب السيارات التي طبقت في الجزائر في السابق دون أن تصل الى معدل الاندماج المرغوب والتي وصفها بـ”التلاعب بالاقتصاد الوطني” الذي “كاد أن يؤدي بنا الى الهاوية”.هذا، وتستمر أشغال الندوة حول “مخطط الإنعاش الاقتصادي من أجل اقتصاد جديد”، الأربعاء، من خلال 11 ورشة تتمحور حول: التنمية الفلاحية، التنمية الصناعية، التطوير المنجمي، تطوير الموارد الطاقوية، تمويل التنمية، كيفيات تسهيل الاستثمار، المؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة، تطوير قطاعات الدعم، التحكم في التجارة الخارجية، الصناعة الصيدلانية، فرع نشاط البناء والأشغال العمومية والري.
وتشارك سبع (7) هيئات لأرباب العمل في اللقاء بوثيقة موحدة تجمع اقتراحات مشتركة ستعرض على الحكومة من أجل إثراء مخطط الإنعاش الجديد.
مصطفي عمران










