ثلاثة أرباع عدد الناخبين غابوا عن صناديق الاقتراع

♦ رشيد لوراري:  “التصريحات الاستفزازية” وراء العزوف الإنتخابي… ♦ المحلل السياسي سوفي: نسبة المشاركة دليل على شفافية الانتخابات

♦ رشيد لوراري:  “التصريحات الاستفزازية” وراء العزوف الإنتخابي… ♦ المحلل السياسي سوفي: نسبة المشاركة دليل على شفافية الانتخابات

الجزائر -جاءت نسبة المشاركة في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور مفاجئة للجميع، وبلغت 23.7 فقط بعدد مصوتين قدر بـ 5.636.172 مصوت أي أقل بكثير عن ربع مجموع الهيئة الناخبة التي تقدر بـ 24.475.310 ناخب.

وتم تبني مشروع تعديل الدستور حسب النتائج الأولية المعلن عنها من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أسفرت عن نسبة تقدر بـ 66.80 بالمائة للمصوتين بـ”نعم” أي ما يعادل 3.355.518 صوت معبر عنها “مقابل 33.20 بالمائة للأصوات المصوتة ب “لا “.

وأسفر الصندوق عن 5.023.385 صوت معبر عنه و 633.885 صوت ملغى، فيما تبقى 407 أصوات متنازع عليها في انتظار أن يفصل فيها المجلس الدستوري لاحقا، أما بالنسبة لعدد الأصوات المصوتة ب”لا”، فقد بلغ 1.676.867 أي ما يمثل نسبة 33.20 بالمائة.وعادت الأصوات الملغاة للواجهة خلال الاستفتاء على مشروع الدستور بعد تسجيل 633.885 صوتا ملغى وهو ما يعادل نسبة 11.25 بالمائة.وعلق رئيس اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات محمد شرفي، على الأمر بأن “الأصوات الملغاة كانت دائما حاضرة خلال المواسم الانتخابية إلا أن مقارنة عددها الذي بلغ 633.885 صوتا ملغى مع عدد المصوتين المقدر بـ5.636.172 يكشف عن عددها الكبير”.وواصلت الأصوات الملغاة فرض كلمتها خلال مختلف الاستحقاقات الانتخابية، خاصة أن نسبتها بلغت 11.24 بالمائة من إجمالي المصوتين، إلى جانب 407 صوتا متنازعا عنها.

* هذه أسباب ضعف نسبة المشاركة في الاستفتاء

وقال الخبير في القانون الدستوري، رشيد لوراري، في تصريح للإذاعة الوطنية، أن سبب ضعف نسبة المشاركة في الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور يعود بالأساس إلى الوجوه التي نشطت الحملة الاستفتائية حول المشروع والتي لا تحوز على مصداقية لدى الشعب.وأشار كذلك إلى “التصريحات الاستفزازية” التي أطلقها مسؤولون عن إعداد مسودة الدستور واعتبرها في غير محلها على اعتبار أنها مست شريحة كبيرة من المواطنين وتسببت في عزوفهم عن التوجه إلى صناديق التصويت في الفاتح نوفمبر.

ويرى أستاذ القانون الدستوري بجامعة الجزائر، أن “التجربة الجزائرية في مجال تنظيم الاستفتاءات تعتبر فقيرة نوعا ما، لأنه عادة لا يتم اللجوء إلى مثل هذه الاستفتاءات، إلا في بعض القضايا كما حدث للقانون السلمي والمصالحة الوطنية بعد العشرية السوداء التي شهدتها البلاد آنذاك”.

وأضاف لوراري أن “طبيعة الاستفتاء في حد ذاته يختلف عن العمليات الانتخابية التي يكون فيها تنافس بين مجموعة من الأشخاص، لكن الاستفتاء يكون عبر التصويت بنعم أو لا”. وهو سبب دفع الكثير من الجزائريين لعدم التصويت، أضف إلى ذلك الخوف من عدوى كورونا.

ويرى خبراء آخرون أن الأسباب التي تقف وراء عزوف المواطنين عن التصويت تتمثل في طبيعة الانتخابات في حد ذاتها والتي يعتقد العديد من المواطنين أن عملية الاستفتاء غير مهمة من الأساس خلافا للانتخابات التشريعية أو المحلية والرئاسية التي تمس واقعه بشكل مباشر.ويقول الخبراء أن غياب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عن يوم التصويت بسبب إجرائه لفحوصات في الخارج ساهم بشكل كبير في إحجام المواطنين عن التوجه نحو صناديق الاقتراع، حيث أن أداء الرئيس لواجبه الانتخابي شخصيا، كان من شأنه إعطاء دفعة قوية للمواطنين بالتوجه نحو صناديق الاقتراع.وأضاف هؤلاء أن الظرف الصحي الذي تمر به البلاد جراء جائحة كورونا كان له أثر بارز كذلك في عدم الدفع بالمواطنين للخروج من منازلهم والذهاب لمكاتب الاقتراع للتصويت.

* المحلل السياسي عبد القادر سوفي: نسبة المشاركة دليل على شفافية الانتخابات

من جهته، أكد المحلل السياسي عبد القادر سوفي، أن نسبة المشاركة الأولية في الاستفتاء على الدستور الجديد تعبر عن الشفافية بعيدا عن أي  مزايدات وتعكس مصداقية السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ونجاعة استعمالها لوسائل متابعة الانتخابات عن بعد.

ولدى استضافته في برنامج “ضيف الصباح” بالقناة الإذاعية الأولى، أوضح الدكتور سوفي أن “النسب المعلن عنها تؤكد اننا ادركنا فعلا الشفافية في تسيير الانتخابات بعيدا عن المزايدات والمغالطات والأكاذيب التي لطالما عشناها في السنوات السابقة”.وتابع: “هذه النسب أولا تعكس مصداقية الهيئة التي أشرفت على الانتخابات ونجاح  تجربتها في استخدام التقنيات الحديثة في المراقبة وهو ما لاحظناه في تنظيم الاستفتاء خارج الوطن وكيفية  استعمال الخارطة الانتخابية”.واعتبر الدكتور عبد القادر سوفي أن من كبريات الانتصارات “تحولنا من نمط تسييري خاضع للإدارة في كل المجالات الى تحقيق بعض الالتزامات التي قدمها الرئيس تبون  والتي من بينها تكريس مشاركة المواطن في صناعة القرار على المستويين القاعدي و الوطني من خلال إقحامه في كل صغيرة وكبيرة سواء في البنود المتعلقة بالدستور أو حتى في الاستفتاء على الدستور”.

* ربيج: لجنة مراقبة الانتخابات نجحت في اختبار تنظيم الاستفتاء

بدوره، أكد المحلل السياسي علي ربيج، أن اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، نجحت في اختبار تنظيم الاستفتاء على الدستور، من خلال عملها على حماية صوت المواطن الجزائري بإفصاحها عن نسبة المشاركة الحقيقة.وفي تصريح للإذاعة الوطنية، كشف ربيج أن “مصداقية الإعلان عن نسبة المشاركة يعبر عن نجاح العملية الإستفتائية ويعتبر أيضا إجابة لكل من كان يشكك في هذه العملية”.وقال إن “التحدي الذي رفع هو تحدي احترام الشعب الجزائري وقول الحقيقة له، فبالنسبة لي يمكن الإستفادة من دروس هذا الاستفتاء الذي سيسمح لنا دخول المرحلة القادمة عبر آلية ديمقراطية، ويمكن للجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات أن تضمن العملية الانتخابية بكل شفافية في المستقبل”.وأضاف أن “الرهانات والأولويات هي التغيير الذي سيطرأ على القوانين العضوية وعلى رأسها قانون الانتخابات وقانون الأحزاب، وهي القوانين التي -حسبه- يمكن من خلالها السماح لشريحة كبيرة من المواطنين الولوج إلى المجالس المنتخبة وعلى رأسها المجلس الشعبي الوطني الذي سيكون بمثابة ورشة كبيرة تخرج منها كل القرارات والإصلاحات والقوانين التي تعمل على تحسين مستوى معيشة المواطن وكذلك بعث التنمية”.وخلص إلى القول: “أننا نشهد اليوم تحولا على مستوى العملية السياسية وعلى مستوى الذهنيات، وبأننا نتجه بخطى ثابتة لنبذ كل أشكال العنف”.

* هذه إجراءات اعتماد الدستور الجديد

وبعد إعلان السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أشرفت على ثاني موعد انتخابي لها بعد رئاسيات 2019، عن النتائج الأولوية للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، ينتظر أن يعلن المجلس الدستوري عن النتائج النهائية في مدة أقصاها 10 أيام حسب ما ينص عليه القانون.

وفي إطار هذه العملية، يتم إرسال نسخة من محضر الفرز إلى المجلس الدستوري حسب القانون العضوي لنظام الانتخابات، الذي يقوم بدراسة الطعون ان وجدت والفصل فيها، قبل أن يعلن عن النتائج النهائية.

ولاحقا، يصدر رئيس الجمهورية مرسوما تنفيذيا في الجريدة الرسمية لإعطاء الصيغة التنفيذية للتعديلات الدستورية الجديدة.

أمين.ب