♦سياسة التهدئة متواصلة ولن نتخلى عن الفئات الهشة
♦دولة قوية وعادلة هي الضامن الوحيد لبناء الديمقراطية
الجزائر -جدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تأكيده على مواصلة سياسة التهدئة التي باشرها منذ مطلع السنة الجارية، وأنه لا ينوي الخلود في الحكم.
وفي حوار مطول أجرته معه جريدة “لوبينيون” الفرنسية، قال الرئيس تبون: “إلى نهاية العهدة الجارية أتمنى أن تكون كل الأمور سويت وتكون الظروف الاجتماعية والاقتصادية تحسنت ويجب أن تكون ظروف أخرى حتى أفكر في الترشح لعهدة ثانية”، نافيا نيته تأسيس حزب سياسي مستقبلا، مضيفا بأنه ترشح باسم المجتمع المدني والشباب لبناء دولة المؤسسات.
وقال الرئيس إن سياسة التهدئة التي باشرها منذ مطلع السنة الجارية متواصلة، قائلا قرارات التهدئة ستتواصل، الجزائر لم تدخل في مرحلة قمع”، مضيفا أن “المعارضة والمجتمع المدني ضروريان ودولة قوية وعادلة هي الضامن الوحيد لبناء ديمقراطية أما العكس فما هو إلا فوضى”.وقال رئيس الجمهورية إن الدستور الجديد سيضع حدا للانحرافات التي عرفتها الدولة في الفترات السابقة، استجابة لملايين الجزائريين الذي نزلوا إلى الشارع منذ 22 فيفري 2019 للمطالبة بالتغيير.
وأشار إلى أن الدستور سيعزز رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية، كما سيتم تعزيز الحريات العامة، مستبعدا التوجه نحو نظام برلماني بحت لأن ذلك يتطلب سنينا طويلة من الممارسة الديمقراطية للوصول إليه.
وأضاف رئيس الجمهورية أن إصلاح النظام الانتخابي يعد الملف الثاني بعد الدستور، مؤكدا أن نظام الانتخابات الجديد سيعمل على القضاء على ظاهرة المال الوسخ في الانتخابات ومنع سيطرة اللوبيات على العملية الانتخابية، مستغربا من عدم وجود الشباب في ثلاثة أرباع المجالس المنتخبة، ووعد بأن يتم تمكين الشباب من المساهمة في صنع قرارات مستقبل الجزائر.
الجيش لن يتدخل في النزاعات الخارجية
وقال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إنّ الجزائر بلد مسالم ولا يتدخل في النزاعات الخارجية ولا في الشؤون الداخلية للدول.وأكد الرئيس أن المادة التي جاءت في مشروع قانون تعديل الدستور والتي تخص مشاركة الجيش الجزائري في الخارج ستتبعها شروط لتطبيقها.وشدد على أن “الجيش الجزائري لن يشارك في عمليات في الخارج إلا لإحلال السلم وفي إطار منظم تشرف عليه الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي أو الرابطة العربية، كما أن هذا الإجراء لن يتم إلا بموافقة البرلمان الجزائري وممثلي الشعب”.
لدينا أموال لتنفيذ الإصلاحات بأريحية
وردا على سؤال يتعلق بالوضع الاقتصادي الذي وجد فيه الجزائر لدى توليه رئاسة الجمهورية، أكد تبون أن الوضع صعب لأنه منذ سنوات تم إهدار موارد البلاد ونهبها ما أدى إلى تدهور الأوضاع وأدخل البلاد حاليا في أزمة اقتصادية وصحية، مضيفا أن الدولة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي لدعم الفئات الهشة ما يتطلب تسيير عقلاني لموارد البلاد.
وبخصوص التعديل الوزاري الأخير، قال رئيس الجمهورية إنه يهدف إلى تشبيب الطاقم الحكومي، مبديا رضاه عن أداء الوزراء الشباب العاملين حاليا.واستطرد الرئيس بقوله إن بعض القطاعات الهامة في الدولة تتطلب كفاءات ذات خبرة في الميدان على قطاعات الطاقة والمناجم والفلاحة، مؤكدا أن الهدف المرجو إعادة تقييم الموارد في هذه القطاعات خصوصا بعد فقدان الجزائر حوالي 60 بالمائة من مداخليها البترولية.وقال الرئيس إن احتياطات الصرف الحالية المقدرة بـ 58 مليار دولار إضافة إلى مداخيل البترول المتوقعة هذه السنة بحوالي 27 مليار دولار ستمكن من تنفيذ الإصلاحات بأريحية.
وأضاف: “لقد تغلبنا على الفساد وتضخيم الفواتير كلف الدولة عشرات المليارات سنويا”، مضيفا أنه سيتم توفير ما بين 20 و21 مليار دولار جراء ذلك بنهاية 2020.وذكر رئيس الجمهورية أن الحكومة تستهدف خفض الواردات إلى أدنى مستوى ممكن عن طريق دعم الإنتاج الوطني وخلق قيمة مضافة للمنتجات المحلية لا سيما في مجالات الصناعات البترولية، صناعة السيارات والفلاحة والصناعات الغذائية وكذا الصناعات الثقيلة.وأشار إلى انه تم الترخيص بموجب قانون المالية التكميلي 2020 باستيراد مصانع أوروبية كاملة لا يزيد عمرها عن 5 سنوات لإعادة تشغيلها في الجزائر، مضيفا أن إلغاء قاعدة 51/49 سيمكن من جذب استثمارات جديدة، مع إمكانية فتح رأسمال بعض الشركات العمومية.
وبخصوص الاستثمارات الفرنسية في الجزائر، ذكر رئيس الجمهورية بوجود أكثر من 450 شركة فرنسية تنشط في الجزائر، داعيا إياها للعب دور في مشروع الجزائر الجديدة، مؤكدا أنه سيتم منع إصدار قوانين لفترة أقل من 10 سنوات لضمان استقرار الاستثمارات في البلاد.
ملف الذاكرة جوهري في العلاقات الجزائرية الفرنسية
وتحدث الرئيس عبد المجيد مطولا عن ملف العلاقات بين الجزائر وفرنسا، وقال إن “الجزائر ضرورية لفرنسا وفرنسا ضرورية للجزائر، لكن يبقى أن ملف الذاكرة جوهري”، مضيفا أنه أجرى مباحثات مع الرئيس ماكرون حول هذا الملف وهو يدرك جيدا الأحداث التي ميزت التاريخ المشترك.وقال الرئيس إنه وبعد معالجة ملف الذاكرة بين البلدين فإن العلاقات يمكن أن تتقدم في كل الجوانب بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بكل هدوء.وأضاف “هناك علاقات وتعاون سياسي واقتصادي وعلمي واجتماعي وهذه العلاقات يمكنها أن تتطور في هدوء بعد معالجة ملفات الذاكرة العالقةّ”.
وأكد الرئيس أن “فرنسا فقدت مكانتها بصفتها الممون الأول للجزائر لكن هذه القضية قابلة للمراجعة ويمكن إعادة بعثها من جديد”، مشيرا أن للجزائر جالية كبيرة في فرنسا وهي تعمل على حفظها وتأمين مصالحها”.وذكر رئيس الجمهورية أن “الجانب الفرنسي عين المؤرخ بن يمين ستورا، وهو رجل صادق وملم بملف العلاقات بين البلدين وبتاريخها من الحقبة الاستعمارية إلى غاية اليوم وسنقوم خلال 72 ساعة المقبلة بتعيين نظيره في الجزائر”.وقال إن “الشخصيتين ستعملان مباشرة تحت وصايتنا رئيسا البلدين، أتمنى أن يعملان في جو صادق وهادئ لحل ملف الذاكرة الذي يسمم العلاقات بين البلدين”.وأشار الرئيس تبون إلى أن “أهم ما يصبو إليه الجزائريون هو اعتراف بما اقترف خلال الاستعمار أكثر من أي تعويض مالي”، مضيفا أن “التعويض المادي الذي لا يمكن أبدا التنازل عنه هو تعويض ضحايا التجارب والتفجيرات النووية في الجنوب الجزائري والذي لا تزال تبعاته وتأثيراته على الحياة وعلى البشر إلى غاية اليوم”.
وأشار الرئيس إلى أن “أزيد من 20 مليون فرنسي لهم علاقات مع الجزائر والجزائريين، مؤكدا بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينتمي للجيل الجديد لا ينتمي للوبيات التي تريد إفساد العلاقة الفرنسية الجزائرية”.
الجزائر ليس لديها مشكل مع المغرب
وبخصوص علاقات الجزائر مع المملكة المغربية، شدّد تبون على ضرورة وقف المغرب بناء قواعد عسكرية بالقرب من الحدود الجزائرية، واصفا ذلك بـ”التصعيد”.وأكد الرئيس أن “الجزائر ليس لديها أي مشكل مع المغرب غير أنه من حين لآخر تطفو بعض التصريحات السياسية والإعلامية إلى السطح”، مؤكدا أن “الجزائريين والمغربيين شعبين شقيقين وكتب لهم العيش جنبا إلى جنب”.وقال إن “الجزائر كانت دائما تدعم الحركات التحريرية في العالم وتنبذ الاستعمار، وتدعو للحوار بين المغرب والممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي جبهة البوليساريو”.وبخصوص الأزمة في مالي قال رئيس الجمهورية، إن “مالي فتحت جبهة من جانبها للثورة الجزائرية لذلك وجب على الجزائر مساعدتها والوقوف إلى جانبها”، مؤكدا أن “الجزائر ومنذ استقلالها سنة 1962 لم تتوقف يوما عن المساهمة في حل النزاعات والوقوف إلى جانب الشعوب ومناصرة القضايا العادلة”.
أمين.ب










