تعيش بعض العائلات مواجهات شبه يومية بين الآباء وأبنائهم البالغين، حيث لا يستطيع بعض الآباء تقبل استقلال أبنائهم عنهم ولا يؤمنون بوجود حد لا ينبغي لهم تجاوزه مع أبنائهم، بمقابل ذلك يجد الأبناء البالغون أنه ينبغي لآبائهم احترام استقلاليتهم وعدم التدخل في خصوصياتهم.
يجد الآباء صعوبة كبيرة في التوقف عن التدخل في أبنائهم والسماح لهم باتخاذ قراراتهم بأنفسهم، واكتساب الخبرة من تجاربهم، بعد سنوات طويلة من تحمل المسؤولية الكاملة عنهم واتخاذ القرارات بالنيابة عنهم.
الحدود.. مطلب الأبناء الصعب على الآباء
غالبا ما يحدث الصراع بين الآباء والأبناء كون الآباء لا يشعرون بأنهم يتدخلون في حياة أبنائهم ويعتبرون ما يقومون به هو التصرف الصحيح نابع عن الرغبة في حمايتهم من الأخطاء التي قد تجرهم إلى الشعور بالندم، وهو ما يدخل الأسرة في صراع شبه يومي ويحدث شرخا في العلاقة بدل تقويتها، وفي هذا السياق ورد مقال رائع في موقع “فيري ول مايند”، يؤكد فعالية الحدود الصحية من الحفاظ على التفاهم المتبادل بين الآباء والأبناء، كما تمنح السلاسة في التعامل، لأنها ستحدد بوضوح ما هو مقبول وما هو غير مقبول في العلاقة بين الطرفين. إذ يمكن للتدخل المفرط أن يؤدي إلى خلق مشاعر الاستياء لدى كلا الجانبين، ومن الضروري أن يعترف الآباء أن تربية الأبناء اليوم ليست كما كانت في الأمس ولا يمكن التعامل مع الجيل الحالي كما كان التعامل مع الأجيال السابقة بسبب وجود عدد من المتغيرات المجتمعية المفروضة علينا.
خطوات لتعيين الحدود دون تأثر الطرفين
يقدم الخبراء جملة من النصائح والخطوات التي تساعد الآباء في منح أبنائهم الاستقلالية ورسم حدود صحية لا تضر الطرفين،
وفيها حماية للآباء والأبناء:
- مقاومة الرغبة المفرطة في حماية الأبناء: يشعر الآباء بالرغبة الشديدة في حماية أبنائهم مهما كبروا، لكن خبراء التربية يقولون إن على الآباء مقاومة الدافع المستمر في إنقاذهم، لأن جزء كبيرا من مخاوف الآباء نابع من وجهات نظرهم التي قد تكون مختلفة تمامًا عن وجهات نظر الأبناء، هذا الاختلاف قد يجعل ما يعتبره الوالد شرا يراه الابن عكس ذلك.
- الاعتراف بأن الأبناء كبروا: ليتمكن الأب من تحقيق الخطوة السابقة، يجب عليه الاعتراف بأن أبناءه قد أصبحوا رجالًا ونساءً، وأنهم لم يعودوا أطفال الأمس، الذين كانوا بحاجة للرعاية الكاملة.
- بناء كلا الطرفين هويتهما: عند تعيين الحدود مع الأبناء البالغين يجب على الوالدين أن يعيدا بناء هويتهما، وتحديد ما يرغبان في القيام به في حياتهما، وتشجيع الأبناء على فعل الشيء نفسه، وفهم الاحتياجات الخاصة ومنح الاهتمام للرعاية الذاتية لتجنب الشعور بالإرهاق أو الاستياء.
- وضع الحدود العاطفية: يتم وضع الحدود العاطفية من خلال إدراك كل طرف في العلاقة أنه مسؤول عن سعادته، فلا يجب أن يستمد الوالد كامل سعادته أو شعوره بالاطمئنان أو الأنس فقط من الأبناء، بل يجب أن يدرك أنه مسؤول عن بناء حياة لنفسه وخلق سعادته الشخصية، وليس على الأبناء أن يكونوا مسؤولين عن تحقيق هذه السعادة للآباء. والعكس صحيح أيضًا، ليس على الآباء أن يكونوا مسؤولين عن تحقيق سعادة أبنائهم البالغين.
- بعد تعيين الحدود وهو ما قد يشمل مجالات مثل الدعم المالي أو المشاركة العاطفية أو المساحة الشخصية أو المشاركة في صنع القرار، على الأب أن يجلس مع أبنائه ويتحدث معهم بشأن هذه الحدود بوضوح. عليه هنا أن يكون حازمًا ومتسقًا في التأكيد على حدوده. كما يمكن التعبير خلال هذه الجلسة بوضوح عن توقعاته ومخاوفه، وأن يستمع أيضًا إلى وجهة نظرهم.
ق. م