آفة تسقطك من عين الله عز وجل

آفة تسقطك من عين الله عز وجل

نقف اليوم مع آفةٍ من آفات المجتمع، هذه الآفة ابتُلي بها الكثير من الناس اليوم، هذه الآفة لخطورتها تُسقِط صاحبَها من عين الله عز وجل، هذه الآفة تُؤدِّي إلى ضياع الحسنات والأجور التي تَعِبَ العبد في تحصيلها؛ بل تؤدِّي بصاحبها إلى سوء الخاتمة والفضيحة يوم القيامة، هذه الآفة قال عنها العلماء بأنها أصل الانتكاسات، فكم من إنسان كان ملتزمًا بطاعة الله، وفجأة تغيَّر حاله وترك طاعة الله، والسبب هي هذه الآفة، فيا ترى ما هي هذه الآفة الخطيرة؟! هذه الآفة هي “ذنوب الخلوات”، ذنوب الخلوات هي المعاصي التي يرتكبها المرء في حال غيبته عن عيون النَّاس واختلائه بنفسه. هناك من الناس من يُظهِر لك الخشوع والتقوى والتديُّن، يُصلِّي في المسجد، ويقرأ القرآن، ويذهب إلى العمرة، ويتصدَّق، تراه لا ينظر إلى الحرام، ولا يستمع إلى الحرام، ولا يتكلَّم بالحرام، ولا ينشر الحرام، فأمام الناس كأنَّه وليٌّ من أولياء الله تعالى؛ لكنَّه إذا جلس في بيته واختلى بنفسه قصَّر في صلاته، تجرَّأ على معصية الله، فتراه ينظر إلى الحرام، ويستمع إلى الحرام، وتكلَّم بالحرام، ويتعامل بالحرام.

قال تعالى: ” يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ” النساء: 108، وقال تعالى: ” يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ” غافر: 19، إذا كان الواحد مِنَّا يوقِنُ فعليًّا أن الله تعالى يراه ومُطَّلِعٌ عليه، فكيف يتجرَّأ على معصيته؟! وكيف يجعله أهون الناظرين إليه؟! يهتم لنظر الناس، ولا يهتمُّ لنظر الله تعالى!  أين نحن من قوله تعالى: ” أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ” العلق: 14. رب العالمين جلَّ جلالُه يسمع ويرى ومُطَّلِع على الصغيرة والكبيرة، وستعرض عليك يوم القيامة بالصوت والصورة ” وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ” الكهف: 49.  أين نحن من درجة الإحسان التي عرَّفها لنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم: “أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ” رواه البخاري. أين نحن من نصيحته صلى الله عليه وسلم لسيِّدنا أبي ذرٍّ رضي الله عنه عندما قال له: “اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ”رواه الترمذي. ومعنى “حيثما كنت” في السِّرِّ والعلانية، مع الناس أو في خلوتك . فأين نحن من هذا كله؟!. لو تأملنا في أغلب من كان هذا حاله لرأينا أن السبب هي معصيةٌ اعتاد عليها في الخلوات؛ لذلك أجمع العارفون بالله “أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات”، ويؤيِّد ذلك ابن رجب رحمه الله، فقال: “وَأَنَّ خَاتِمَةَ السُّوءِ تَكُونُ بِسَبَبِ دَسِيسَةٍ بَاطِنَةٍ لِلْعَبْدِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ”. يعني: ذنوب الخلوات هي التي تجعل صاحبها يموت على سوء الخاتمة والعياذ بالله، فهل ينتبه الواحد منا إلى خطورة ذنوب الخلوات؟!

 

من موقع الالوكة الإسلامي