أشعُرُ بالخوف

أشعُرُ بالخوف

أشعرُ بالخوف، قالتِ التلّة البعيدة، والسَهْلُ يشعرُ بالبرد بعد أن تعرَّى من سنابله… الصمتُ يقتله الهدوء، يشتاقُ شغباً

وفوضى…

وقلبي المحصُور في قفصي الصدري يشعُر بالضيق، تضّخم جداً ولم تعدْ تكفيه المساحة، يُريد أن يهربُ من مكانه ويركض في البراري باحثاً عن شيءٍ ما، لا يعرفُ للوقت معنى، لا يعرف كيف يهدأ، لا يُجيد القيام بوظيفته الأصلية في أن يضُّخَ الدماء إلى جسدي القلق .

” أشعرُ بالخوفْ ! ”

قالتِ الشجرة الحزينة الوحيدة المُتبقية فوق الجبل… تحِنُّ إلى أمِّها الغابة التي قُطعتْ

الفأسُ البارِدُ يشعُرُ بالغُربة… عيناه الضامِرتان في شفرةِ الحديد، في النَصْلِ المُتجمِّد الحديدي ترتجفانِ، مرعوبتانِ من فكرة رُؤية الرُّؤوسِ مقطوعةً… لا يهمُّ إن كانتْ لجماداتٍ أو كائناتٍ حية، بقدر رُعبه كنتُ مرعوبةً كأرنبٍ هاربٍ يتبعه كلبُ الصَّيد المدرَّب وقناصٌ محترفٌ لا يرتاح من ملله الروتيني إلاَّ إذا اصطادَ طريدةً برَّية، كان إحساسي برياً، عفوياً حدَّ التطرف، مخيفاً حدَّ توتُّرِ أطرافي حينما أحاول تهدئته…

أشعر بالخوف، إلى درجة أنَّني عندما أمشي أحسُّ قلبي يسقط في تجويفِ بطني فجأةً وأشهقُ ثم يُغمى عليّ …

حتى الاحتمالاتُ الكثيرة التي كنتُ أحتمي بها من يأسي، تقزَّمَتْ وتوقَّفتْ عن التضاعف وصارتْ احتمالاً واحداً لا أريدُ أن أذكُرَه لا أريدُ أن أفكِّر به، نعم لا أريد، حتَّى فعلُ الإرادة ناقم…

الأضواء التي تلتمعُ في الخارج في شارعٍ أسكنه ولا أعرفُ اسمه بعد، كثيرةٌ تُغريني بالخروج، حتى الأضواء

وشوشتْ لي في أذني بأنّها خائفة، ورِثَتْ ذلك عن جدَّاتِها الشمعات، التي تخافُ من كلِّ هبَّة ريحٍ تطفئ وهجها الأحمر …

متى تطلعُ الشمس؟ قال الليل الذي ملَّ من نفسه ومنّي، سيطردني قريباً إلى مدينة نهارها متواصلٌ لأربعٍ وعشرين ساعة كاملة

“أشعُرُ بالخوف”…

من نفسي التي لا تثبتُ… ترقصُ بداخلي برعب… تُقرِّرُ ثم تتراجع عن قراراتها في طُرفة عين، تُرهقني وتجعلني أرتجفُ خوفاً… أفقد صبري وأخرجُ عن صمتي الجميل إلى قبح الكلام والثرثرة …

ــ كلُّ هذا الخوف سيزول إذا عانقتني… ماذا تنتظر؟

 

رحمة بن مدربل\ البليدة