أصبح الكيس الواحد يباع بـ 500 دينار… بسطاء يتحولون إلى أثرياء بتجارة الخبز اليابس

أصبح الكيس الواحد يباع بـ 500 دينار… بسطاء يتحولون إلى أثرياء بتجارة الخبز اليابس

إذا كان الجزائريون يتصدرون قائمة مستهلكي مادة الخبز عبر العالم وينالون جوائز عالمية كأحسن المخابز الدولية لصنعه، فإن المتاجرة بالخبز اليابس بسطت سيطرتها أيضا وأصبحت تقترن به، إلا أن المسجل مؤخرا أن هذا

النوع من التجارة لم يعد مصدر رزق فحسب، بل أصبح مصدر ثراء ليتحول بسطاء في ظرف وجيز إلى أثرياء نظرا لما أصبح يدره هذا النوع من التجارة من أموال.

لا يمكن أن تمر اليوم على حي دون أن تجد به شخص أو اثنين يمتهنان هذه المهنة، أغلبهم يترددون على البوادي وعلى المناطق النائية أين يبيعون الخبز اليابس لمربي المواشي الذين يقبلون عليهم بكثرة لما له من أهمية في توفير الأكل لهذه الأخيرة وتسهيل تسمينها حتى يكسب الموال من خلالها مبلغا معتبرا.

 

الخبز اليابس يبني فيلات ويُكسب أصحابه سيارات

السيد “مختار” من ولاية البليدة عينة من تجار بدأوا من الصفر، وألحقتهم هذه التجارة بمنزلة الأثرياء ومع ذلك لم يتخل عنها، حكايته تعود بحسب ما سرده لـ “الموعد اليومي” لسنوات مضت عندما كان يسكن في بيت بسيط ببلدية باش جراح لا يتسع سوى لثلاثة أشخاص على أقصى تقدير رغم أنه أب لسبعة أطفال كان عمله متذبذبا، كل يوم يعمل في مجال معين، إلى أن اهتدى الى هذه التجارة، يقول إنه كان يتقي الله منذ صغره في أمور الإسراف أين وجد والديه يحافظان على هذه المادة الأساسية، بدأت تجارته بعرض كمية من هذا الأخير ثم بدأت تتوسع بعد أن أصبح سكان الحي ينقلون إليه تقريبا بشكل يومي أكياس الخبز عوض رميها في القمامة، يقوم هو بعرضه على الشمس ليصبح يابسا أكثر ثم يتاجر به، بنقله الى عدة مدن داخل وخارج العاصمة وبمرور الوقت أصبح له زبائن يقصدونه في مكان تجارته لأخذ ما يطلبونه، وفي حديثه عما جناه من هذه التجربة، قال عمي مختار إنه بفضل هذه التجارة تمكن من شراء قطعة أرض بولاية البليدة شيّد بها فيلا من ثلاثة طوابق مع مساحات محاذية لها، حولها إلى حديقة غناء تدر سنويا كل أنواع الفواكه، كما اشترى سيارة له وسيارتين يركنان في مستودع منزله يستعملهما أبناؤه الذين مكنهم من اقتحام مجال التجارة في مجالات مختلفة، حسب عمي مختار دائما، فإنه بإمكانه اليوم توقيف نشاطه أو تغييره لأنه يمكن القول إنه أصبح ثريا، لكنه لن يقدم على ذلك ليس لأنها تجارة أكسبته أموالا فقط، بل تحولت إلى هواية وحب للحفاظ على نعمة الله معلقا على ذلك بالقول: “أنا حافظت على نعمة ربي وهو ما خيبنيش”.

وإذا كان عمي مختار اختار أن يزاول نشاطه في الشارع، فهناك من يقوم بالتنقل عبر المنازل بطرق الأبواب ويسألون أصحابها هل لديهم خبز يابس، وعادة ما يتوفر لهم الطلب وتقدم لهم هذه المادة في أكياس بلاستيكية، يقومون بتسويقها بعد ذلك خاصة عند مربي المواشي، وحول هذا ذكر رئيس الاتحاد الوطني للتجار بولنوار حاج الطاهر، أن هذا النوع من التجارة يجب الاعتراف به كنشاط تجاري ودعا إلى تقنينه حتى لا يكون مستقبلا مرادفا للفوضى، في الوقت الذي ذكر أن مزاولي هذا النشاط يحصلون على مقابل مالي يتراوح بين 400 و500 دينار على الكيس الواحد وهي بذلك تجارة مربحة حسبه.

 

البياطرة يحذرون من تقديم الخبز اليابس للمواشي

حذرت النقابة الوطنية للبياطرة من مخاطر الخبز اليابس على المواشي، وأكد أحد ممثليها لـ “الموعد اليومي” أن عملية تحويل المواد لا تتم بطريقة طبيعية، ومع مرور الوقت تحدث للماشية مشاكل في المعدة وعسر الهضم، كما أن الحليب الذي تنتجه يكون ناقصا من حيث الجودة وليس في المستوى المطلوب، فتناول المواشي للخبز اليابس لوحده أو بنسبة كبيرة يشكل خطرا على حياتها، فإذا كان مقدّرا لها أن تعيش مثلا 10 سنوات، فإنها عندما تتناول هذا النوع من الخبز لا تعيش سوى 4 أو 5 سنوات، لأن التي تحلب كثيرا وتتابع الولادة تنقص لديها نسبة الكالسيوم، مما يشكل خطرا على حياتها، وبالتالي فإن الخبز اليابس يمكن أن يتسبب، في بعض الأحيان في موت المواشي، كما أن ظروف تخزين الخبز تطرح أيضا بعض المشاكل، فالذي يتعرض بكثرة للرطوبة يكون معرضا للطفيليات التي تفرز مادة سامة هي “الميكوطوكسين”، التي تصيب الماشية بتسمم حاد قد يؤدي إلى موتها في غضون 24 ساعة، إلا أن الخبز الذي يعرض لأشعة الشمس بقوة تزول منه الفطريات التي لها علاقة بالرطوبة، وبالتالي تبقى 80 بالمائة من المشاكل التي يطرحها الخبز مرتبطة أساسا بعسر الهضم والإسهال والتهاب معوي ناتج عن سوء الهضم قد تؤدي إلى الوفاة، إلا أن أغلب مربي الماشية لا يعتمدون الخبز اليابس وحده، بل يلجأون في غالب الأحيان إلى خلطه بالشعير أو الذرة أو النخالة.