أقربُ مقاماتِ العبدِ مِن ربِّه

أقربُ مقاماتِ العبدِ مِن ربِّه

للدعاءِ عند الله جل وعلا شأنٌ عليٌّ؛ فهو أكرمُ شيءٍ عليه، كما قال النبيُ صلى الله عليه وسلم ” لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاء “؛ رواه أحمدُ. ومِن جليلِ كرمِه على اللهِ حياؤُه سبحانَه مِن عبدِه إذا دعاه أن يردَّه خائبًا، كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَييٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا “؛ رواه أبو داودَ وصحَّحه ابنُ حبانَ. ولئِنْ كان هذا قدْرَ الدعاءِ بعامّةٍ فإن لدعاءِ الصلاةِ مزيدَ شرفٍ وحظوةٍ؛ إذ هو أعظمُ الدعاءِ، وأرجاه قَبولًا، وأسرعَه تحقَّقًا؛ وذلك أن مَقَامَ الصلاةِ أقربُ مقاماتِ العبدِ مِن ربِّه؛ كما قالَ اللهُ تعالى “وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ” العلق: 19، وقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ” أقربُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ؛ فأكثروا الدعاءَ “؛ رواه مسلمٌ. ومِن ثمّ كانت الصلاةُ موطنَ مناجاةِ العبدِ ربَّه، بل قال بعضُ أهلِ العلمِ: هي الموطنُ الوحيدُ لمناجاةِ العبدِ ربَّه. إن الصلاةُ موطنُ إلحاحٍ على اللهِ بالدعاءِ؛ إذ فيها ستةُ مواطنٍ لم يكنِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتركُ الدعاءَ فيها، قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ: ” مُحَصِّلُ ما ثَبَتَ عنه صلى الله عليه وسلم من المواضعِ التي كان يدعو فيها داخلَ الصلاة ستةُ مواطنٍ:

الأولُ: عَقِبَ تكبيرةِ الإحرامِ، ففيه حديثُ أبي هريرةَ في الصحيحين: “اللهمَّ باعدْ بيني وبين خطاياي” الحديثَ.

الثاني: في الاعتدالِ، ففيه حديثُ ابنِ أبي أوفى عند مسلمٍ أنه كان يقولُ بعد قولِه: ” مِن شيءٍ بَعْدُ”: ” اللهمَّ طهِّرني بالثلجِ والبَرَدِ والماءِ الباردِ”.

الثالثُ: في الركوعِ، وفيه حديثُ عائشةَ: “كان يُكثرُ أن يقولَ في ركوعِه وسجودِه: سبحانك اللهمَّ ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفرْ لي “.

الرابعُ: في السجودِ، وهو أكثرُ ما كان يدعو فيه، وقد أَمَرَ به فيه.

الخامسُ: بين السجدتين “اللهمَّ اغفرْ لي”، السادسُ: في التشهدِ… وكان أيضًا يدعو في القُنوتِ، وفي حالِ القراءةِ إذا مَرَّ بآيةِ رحمةٍ سألَ، وإذا مَرَّ بآية عذابٍ استعاذَ “.

 

من موقع وزارة الشؤون الدينية