يعرّف الانطواء على أنه مشكلة متشابكة ومعقدة، كونها نتيجة طبيعية لعدة مشكلات أخرى تتضافر وتتوحد لتنتج لنا شخصا منطويا ومنعزلا اجتماعيًا، وقد تظهر تلك المشكلة في فترات متفرقة من عمره وبشكل متدرج؛ فتبدأ من سن السنتين، وتتوهج في مرحلة المراهقة، وفي حالة تركها بلا علاج فعال قد تستمر مع الطفل مدى الحياة، وتصبح العزلة والانطواء سمة ملازمة للفرد طوال عمره، وهي مشكلة نسبتها أعلى بين الإناث قياسًا بانتشارها بين الذكور؛ نتيجة لاختلاف الطبيعة النفسية لكل منهم، وحساسية المرأة ورهافة نفسيتها.
ويظهر الانطواء على شكل نفور من الزملاء أو الأقارب، وامتناع أو تجنب الدخول في محاورات أو حديث، وهي مشكلة تسبب خللا في التفاعل الاجتماعي للفرد مع من حوله، مما يؤثر على سلوكه العام، بل ونموه العقلي أيضا.
أكثر من 5 ملايين جزائري معرض للانطواء
يعتبر أكثر من خمسة ملايين جزائري عرضة للانطواء بسبب موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، هذا الأخير الذي أكد مجموعة من الأطباء المختصين في علم النفس أن الابتعاد عنه يسبب معاناة كبيرة لدى مدمنيه، حيث يشعرون بأنهم بعيدون عن أصدقائهم والأشخاص المقربين منهم.
يعتبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وسيلة جد مهمة بالنسبة للكثير من الأشخاص في كل قطر من الجزائر والذين يجعلونه وسيلة للتواصل مع أقربائهم وأحبائهم، وفي تلقي المعلومات وآخر الأخبار الوطنية والدولية كذلك، سيما وأن أكثر من 5 ملايين جزائري يشتركون في فايسبوك ويملكون حسابا عليه حسب آخر الاحصائيات، كما كشفت ذات الاحصائيات أن أغلب الجزائريين يميلون إلى استخدام موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أكثر من المواقع الاتصالية الأخرى كتويتر وغيرها.
وأشارت الدراسة التي قام بها مجموعة من أطباء النفس في بريطانيا إلى أنهم طلبوا من حوالي 20 شخصا مدمن على مواقع التواصل الاجتماعي التوقف عن استعمال حساباتهم لمدة أربعة أسابيع كاملة، منوهة إلى أن المشاركين قد عبر أغلبهم أنهم كانوا يشعرون بأنهم انقطعوا عن العالم، بالإضافة إلى إحساسهم بالعزلة عن أصدقائهم وعائلاتهم طيلة تلك الفترة الزمنية، كما وصف البعض منهم تجربتهم الأولى في المواقع الاجتماعية بأنها دافعة للإدمان.
الشعور بالوحدة ومخاطر الإدمان
وعرجت الدراسة على بعض تصريحات المشاركين في الدراسة أن البعض منهم عبر عن الشعور بالوحدة قائلا بأن أصابعه كانت تتجه تلقائيا لتطبيق فايسبوك في كل مرة كان يمسك فيها الهاتف، في حين أن المشاركين الآخرين لم تكن تعليقاتهم سلبية في مجملها حيث أشاروا إلى أنهم باتوا ينغمسون بصورة عادية في الحياة الاجتماعية حيث ساعدهم هذا الانقطاع على إتمام أعمالهم المنزلية أو الدراسية وحتى واجباتهم تجاه أفراد عائلاتهم، الأمر الذي جعلهم يتوصلون إلى أن الاعتدال في استخدام الفايسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى أفضل بكثير من استعماله في كل وقت، وهو الشيء الذي أكد عليه الطبيب النفسي الذي أشرف على هذه الدراسة منوها بأن الاستخدام الكثيف لوسائل الاعلام الاجتماعي لا يعد أمرا خطيرا، مضيفا أن البعض يرى بأن هذا الإدمان يطغى على حياة الناس، لكن أغلب من يوصفون بالمدمنين يمارسون على الإنترنت تصرفات اجتماعية.
..”متشردو” العصر الرقمي؟!
كما كشفت الدراسة التي أجريت على مشتركي موقعي فايسبوك وتويتر أن المشتركين في هذين الأخيرين لم يشعروا بالانطواء أو العزلة، وهو ما برره الأطباء للطبيعة الأقل اجتماعية لتويتر، وتوافر مصادر أخرى للبحث عن المعلومات والأخبار، وأضاف الأطباء أن الحياة تصبح في كل يوم أصعب بالنسبة للأشخاص الذين لا يمتلكون حسابا للبريد الإلكتروني وفايسبوك، وصارت الشركات تعاملهم بوصفهم “متشردو” العصر الرقمي.
الفايسبوك في الجزائر.. ادمان جديد على نافذة المستجدات وفضاءات الدردشة
وبخصوص هذا الموضوع، قامت “الموعد اليومي” باستطلاع آراء بعض الأشخاص في الشارع الجزائري الذين يستخدمون فايسبوك لأمور مختلفة منها الدردشة وتبادل المعلومات والبيانات والاطلاع على آخر الأخبار، وصبت غالبية الأجوبة في عدم قدرتهم على التخلي عن هذه الوسيلة وذلك للمنافع الكبيرة التي تحوزها، حيث تجعلهم دوما في اتصال مع المقربين منهم بالإضافة إلى أنهم أكدوا أن هذه الوسيلة تبقيهم دوما في إطلاع على آخر المستجدات في الساحة العربية والدولية، في حين أن أولئك الذين يعتبرون من المنخرطين الجدد في هذه الوسيلة فقد أكدوا قدرتهم على التخلي عنه دون الشعور ولو للحظة بأن شيئا ما ينقصهم.