يدعو المختصون في علم النفس والاجتماع الجمعيات الخيرية المحلية لمساعدة ومرافقة أولياء الأطفال المصابين بأمراض نادرة من أجل التخفيف من معاناتهم اليومية.
تحتاج الأسر التي لديها طفل أو أطفال يعانون من أمراض نادرة إلى كل أشكال المساعدة الممكنة، ومن هنا يأتي دور الجمعيات الخيرية المحلية التي من شأنها أن تساهم في التخفيف من معاناة أسرة المصاب بمرض نادر بشكل عام ووالدته بشكل أكثر تحديدا.
الأم.. سند الأبناء مهما كان المرض
تواجه أمهات الأطفال المرضى، العديد من الصعوبات في رعاية أطفالهن المرضى، وهو ما يجعلهن في مواجهة يومية مع المعاناة، وهذا على الصعيدين الشخصي والاجتماعي، ورغم أن المرض مقدر على أطفالهن وليس اختيارا، إلا أن الكثير من الأمهات يجدن أنفسهن يقفن لوحدهن في مواجهة مصاعب المرض.
وتذكر السيدات اللواتي تحدثنا إليهن أنه من أبرز أوجه المعاناة هي عدم وقوف الأزواج إلى جانبهن، ولو بالدعم النفسي والمعنوي، ناهيك عن ضغط العائلة عليهن لأسباب متعددة، إلى جانب قلة المراكز المتخصصة التي تتكفل بالأبناء المرضى الذين يتم تصنيفهم كأطفال معاقين.
معاناة مع المرض ومواجهة للمجتمع
تعيش أم الطفل الذي يعاني من مرض نادر معاناة مضاعفة، سواء في التعامل مع طفلها أو نظرة المجتمع، والأكثر من كل هذا هو ندرة المراكز المتخصصة لتوجيههن وإرشادهن لطرق التعامل مع أطفالهن، حيث يعد نقص المراكز المتخصصة في استقبالهم أو انعدامها ببعض جهات الوطن شكلا آخرا من المعاناة، تتحدث أمهات الأطفال المصابين بالأمراض النادرة، بالكثير من الحسرة عن أنفسهن وأبنائهن الذين يعانون بصفة مضاعفة من المرض، ومن نظرة المجتمع الذي يرفض أحيانا إدماج أولئك الأطفال في المدارس وحتى في محيطهم العادي، كما يتسبب وجود طفل مصاب بمرض نادر في الأسرة في ضرب استقرارها، حيث تقر أغلب الأمهات بإهمالهن لباقي أفراد أسرهن في مقابل اهتمامهن بشكل خاص وكثيف بطفلهن المريض، يضاف إلى سعيهن الشخصي لتثقيف أنفسهن حول المرض في محاولة لمعرفة ما أصاب ابنها وجعله لا يشبه أقرانه، قالت السيدة سعيدة أم أحمد (7 سنوات)، المصاب بمتلازمة ويليامز: إن صدمة تلقي خبر المرض النادر لم تكن سهلة ولم تتقبلها، بل أقنعت نفسها أن ابنها طفل عادٍ ولا يعاني من أي شيء، ولكن الحقيقة كانت أكثر مرارة لما أخبرها الطبيب بأن ابنها بحاجة إلى إجراء عملية جراحية مع احتمال عدم نجاحها، وهنا بدأت بعض المشاكل الأسرية تطفو إلى السطح لتزيد معاناتها، تقول المتحدثة: “مرض ابني جعلني أهتم به وأهملت بيتي وابنتيّ، ثم بدأ الحصار عليّ وأصبحت تحت الضغط مطالبة بإنجاب طفل آخر، ولكني رفضت خوفا من أن يكون المولود الجديد مريضا هو الآخر.. وبعد تقبلي لمرض ابني تثقفت حول طبيعته وبدأت أبحث عن عائلات لها أحد أطفالها مريض بمتلازمة ويليامز حتى انتفع من التجارب، تعرفت على جمعية (ساندروم ويليامز وبوران) بالعاصمة وأصبحت أحضر الملتقيات لألتقي بأسر أطفال مرضى لأخفف من الضغط النفسي عليّ”.
من جهتها، تحدثت السيدة فريدة أم الطفلة فريال 10 سنوات، المصابة هي الأخرى بذات المرض عن نظرة المجتمع القاسية تجاه الطفل المريض، وتطالب مؤسسات المجتمع المدني بتنظيم حملات لتوعية وتحسيس الأفراد حول هذه الأمراض حتى يغيروا من تعاملهم القاسي أحيانا مع الأطفال المرضى.
أما السيدة هاجر فتتحدث عن تجربتها الشخصية مع مرض ابنتها التي تعاني من ملازمة ويليامز هي الأخرى، حيث رفضت ابنتها في المدرسة من طرف المعلمين وحتى من طرف أولياء التلاميذ، وقيل لها إن ابنتها مجنونة لأنها تعاني من تأخر ذهني بسبب مرضها، وهذه الكلمة أصابتها بصدمة واكتئاب شديدين خاصة وأن ابنتها رُفضت أيضا في المسجد، ما جعل ابنتها تلازمها كظلها.
وتقول هذه السيدة عن صدمة تلقي نبأ إصابة طفلتها بمرض ليس له علاج، إنها ليست سهلة إطلاقا، فبعد هستيريا البكاء تقبلت الأمر، وبدأت معركة حقيقية لمعرفة طبيعة المرض نفسه وكيف ستتطور حالة ابنتها
وتقول “عشت حالة لا استقرار في أسرتي لمدة، خاصة وأن زوجي لم يتقبل مرض ابنته، حتى أني صرت أتقمص دور الطبيب النفساني لزوجي، اصطحبته إلى إحدى الجمعيات ليتثقف حول المرض وليرى أولياء أطفال مرضى آخرين في محاولة لكسب الدعم النفسي”.
لمياء. ب