أمَّاهُ

أمَّاهُ

يا حنانَ الله البالِغَ في البشَرْ

إنِّي تُصارِعُني الكلماتُ

فأمْسِكُ عن الكتابةِ

أصومُ عن الحدِيثِ

يتحدَّثُ قلبي طويلاً

وأقصُّ حبل الحدِيثِ

أمَّاهُ …

كيفَ أكتبُ هاهنا ما في قلبِي

لا شيء يكفيهِ

كلُّ المِدادِ تالفٌ

كلُّ الأقلام كسرها الخُذْلانُ

لكنَّني ما زلتُ أبتسِمْ

وأغنِّي …

وأرسمُ وردةً على كراسةٍ صغيرة

مازلتُ أرسمُ وجهَ قمرِي

ثمَّ ألوِّنُ عينيهِ من نورِ عينِي

أعانقُ الصُورَ

ألاَمِسُ سقَفَ الأمنياتْ

وأدعو الله من جديدٍ

أدورُ كالسالكينْ

كالغارقينَ في نشوَةِ الصبْرِ

أمَّاهُ ..

أكتبي لي نصيحةً

في بسمةِ صباحِكِ

في عناقكِ البهيِّ

في صوتكِ الخافتِ

في غيابكِ..

في حضوركِ

أمَّاهُ امنحينِي القدرةَ

أن أكونَ أماً لكلِّ يتيمٍ

وحُضناً لكلِّ وحيدٍ

ونخلةً تُسقِطُ رُطبَها

على المعذبين شوقاً

فَهَمِّي أوزَعْتٌهُ شُكراً

يُرينِي قدرَ آلالام الآخرينْ

يجعلُنِي أحِسُّ بأوجاعهمْ

فأحاول أن أمحُوها

أمَّاهُ … أعيرِينِي حُضنَكِ الكبيرْ

لأعانق كلَّ العالمْ …

ثم أحلِّقَ …

إلى الغيم … إلى الحّبِّ المُؤجَّلِ

إلى ذلكَ الذي أهواهُ …

إلى الشمسِ الصرِيعةِ بالهوى

إلى القمرِ المُجنَّحِ بالحنينْ

إلى الطفولة المسلوبة

إلى الوجع المُعطَّرِ بالزمنْ

إلى الليلِ المُحنَّطِ في كَفَنْ

إلى الطفلِ الذي يهواه المطر

والوردةِ التِي يُحيِّها السهَرْ !

‏رحمة بن مدربل