أهمية التكافل الاجتماعي

أهمية التكافل الاجتماعي

لقد أوجب الشرع تحقيقَ التكافل الاجتماعي بين أفراد الأمة؛ حتى لا يكون أحد بينهم ذا حاجة، ويجد كل فرد مسلمًا كان أو غير مسلم قدرَ كفايته، وهذا مبدأ عظيم سبق الإسلامُ في تقريره كلَّ النُّظُم والشرائع التي يلهج الناس بالثناء عليها في العصر الحديث. والإسلام نظامٌ يقوم على العدالة، لكن الإسلام لا يقصد العدالة في المال فقط؛ وإنما العدالة في كل مناحي الحياة، وأشكال السلوك والفِكر؛ ففي ملكية المال يؤكد الإسلام كراهيته لأن يُحبَس المال في أيدي فئةٍ خاصة من الناس يتداول بينهم، بينما يُمنع عن الآخرين، ” كَيْلَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ” الحشر: 7. وهذا ما فعَله الأنصار مع المهاجرين بعد الهجرة، لقد ساد بين المهاجرين والأنصار لونٌ من ألوان الحب الرفيع الذي يميزه العطاء، حتى لَيصِل فيه الكرم إلى الحد الذي يعطي الإنسان وهو يتصور أنه يأخذ، ولقد أدرك الرسولُ صلى الله عليه وسلم أهمية هذا الحب في بناء المجتمعات، فآخى بين المهاجرين والأنصار، وكان المهاجرون الذين ترَكوا أموالهم وديارهم فرارًا بدينهم لا يطمعون فيما هو أكثر من الإيواء العاجل وخبز الكفاف، لكن الأنصار تصرَّفوا بنُبْل لا نظن أن التاريخ الإنساني يعرف له نظيرًا؛ فقد جاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، اقسِم النخيل بيننا وبين إخواننا المهاجرين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “تَكْفُونا المؤونة، ونَشْرَككم في الثَّمَرة”، قالوا: سمِعْنا وأطَعْنا. فكان هذا الإيثار وهذا الحب الذي صنعَتْه العقيدة بنفوس الأنصار، والذي أثنى الله عليه في قوله: ” يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ” الحشر: 9. ومِن هنا كانت الإشادة الربانية بهؤلاء وهؤلاء بقولِ الله عز وجل: ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ” الأنفال: 74

من موقع وزارة الشؤون الدينية