حب الجمال أمر فطري، قائم في بنية النفس الإنسانية، ويعتبر وجوده دليلاً على سلامة الطبع وصحة الذوق واستقامة الفطرة. ولذا فهو لا يحتاج إلى تعهد ورعاية، أو لنقل: إنه لا يحتاج إلى كبير عناء في تعهده ورعايته. ومع ذلك فإن المنهج الإسلامي، تقديراً منه “للجمال” وارتفاعاً بمنزلته إلى المكانة اللائقة به، قد عزز في النفس الإنسانية هذه المكانة بما أيده به من تكريم وتشريف، فكان وصفاً للعظيم الجليل سبحانه وكان محبوباً له، وكفى بهذا منزلة. جاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس” رواه مسلم. وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى جميل يجب الجمال، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها”. وللحديث روايات أخرى كلها تتفق على قوله صلى الله عليه وسلم: “إن الله جميل يحب الجمال. وهذا الجزء من الحديث يقرر أمرين: وصف الله تعالى بالجمال. حبه سبحانه وتعالى للجمال. ونترك الكلام عن الأمر الأول لابن القيم رحمه الله قال: من أعز أنواع المعرفة، معرفة الرب سبحانه بالجمال، وهي معرفة خواص الخلق، وكلهم عرفه بصفة من صفاته، وأتمهم معرفة من عرفه بكماله وجلاله وجماله، سبحانه، ليس كمثله شيء في سائر صفاته… ومن أسمائه الحسنى “الجميل”. وجماله سبحانه على أربع مراتب: جمال الذات، وجمال الصفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء. وأما الأمر الثاني، وهو حبه سبحانه وتعالى للجمال، فقد شرع للإنسان كل ما يوصله إليه، من نظافة في الظاهر والباطن، ومن تجمل كذلك في الظاهر والباطن، فإذا ما طبق الإنسان ما شرعه الله له، فإنه يأخذ بأسباب الجمال وعندئذ يكون محبوباً لله تعالى.
الأستاذ احمد بن صالح