عين صالح هي واحة كبيرة تقع في منتصف صحراء الجزائر، وقد كانت فيما مضى إحدى الروابط المهمة لطرق القوافل، كما تقطع البلدة إلى نصفين بسبب الكثبان الرملية المتحركة، وتحتوي على أربعة قصور مصنوعة من الحجر الأحمر، ولكل قصر قلعة خاصة به.
طبيعة خلابة وتاريخ نضالي
تزخر ولاية عين صالح بالعديد من المناظر الطبيعية الخلابة، واشتهرت هذه المدينة أيضا بتاريخها النضالي ضد المستعمر الفرنسي، تحد هذه الأخيرة كثبان رملية تقسم المدينة إلى شطرين، وهي في حالة تقدم مستمر نحو المدينة، إذ تأخذ كل خمس سنوات مسافة متر منها، كما توجد بها أربعة قصور بنيت من الطوب ذي اللون الأحمر، بالإضافة إلى وجود عدد من الآبار إلا أنها تصنف من الآبار المائية المالحة وتوجد بها أكثر من مئتي ألف نخلة، تعتمد في مداخيلها على إنتاج التمور وتعد أجود أنواع التمور، وتوجد بها الغابات الصخرية والكثير من أنواع الحيوانات النادرة ومعالم أثرية تبرز عراقتها وأصالتها.
تعتبر عين صالح من بين أكثر المناطق التي لها القدرة على تزويد العالم بالطاقة الشمسية، كما تحتوي على مطار داخلي يضمن رحلات منتظمة إلى الجزائر العاصمة، إضافة إلى مدن داخلية أخرى، تحتوي على حقول من النفط والغاز الطبيعي ما جعلها موردا اقتصاديا هاما إضافة إلى التمور، وهي منطقة سياحية بامتياز تجذب إليها الزوار من مختلف مناطق العالم.
حمام رملي مقصد الزوار
يشكل الحمام الرملي الذي تشتهر به عديد مناطق جنوب الوطن ومن بينها ولاية عين صالح وسيلة علاج تقليدية لبعض الأمراض الجسمانية، كما يعد أيضا من عوامل الترويج السياحي بالمنطقة.
ويعد الحمام الرملي واحدا من أقدم طرق العلاج لبعض الأمراض الجسمانية التي لا زال عديد المواطنين يعتقدون أنها ذات فوائد صحية متعددة، حيث تستقطب ولاية إن صالح سنويا أعدادا كبيرة من المواطنين الباحثين عن العلاج الطبيعي لبعض الأمراض الجسمانية.
والحمام الرملي عبارة عن تجويف يتم حفره بالكثبان الرملية بالعرق الرملي، يدفن بداخله الشخص المريض بأكوام من الرمال باستثناء الوجه لتمكينه من التنفس، وعادة ما يتم وضع قطعة من القماش مبللة بالماء على الرأس، أو مظلة شمسية للوقاية من أشعة الشمس.
ويحضر مع ذلك الشخص مرافق يتولى تزويده بمياه الشرب أو العصائر لإطفاء نار العطش، حيث يظل مدفونا بالرمال لمدة ساعتين على الأقل، كما يروي أحد العارفين بأسرار هذا العلاج.
علاج ووقاية
ويعتقد عديد الأشخاص من ممارسي هذه الطريقة العلاجية التقليدية بعين صالح أن الحمام الرملي يحمل فوائد علاجية متعددة من بينها تنشيط الدورة الدموية، وعلاج آلام الظهر، وعلاج السمنة الزائدة وأيضا بعض الأمراض الجلدية وعرق النساء والتهاب المفاصل وغيرها.
وأوضح في هذا الصدد الحاج مبارك عريبي، من منطقة البركة (الواقعة 10 كلم غرب مدينة إن صالح) التي تشتهر بكثبانها الرملية والذي يعرف بخبرته في الأعشاب الطبية وأيضا في العلاج بالحمام الرملي، أن هذه الطريقة التقليدية تحمل فوائد صحية متعددة لعديد الحالات المرضية.
وأشار في هذا الخصوص إلى أن الحمام الرملي يساهم في تسريع علاج الأشخاص الذين يتعرضون للحوادث ويخضعون للعمليات الجراحية، حيث أن العديد منهم – كما قال- وبعد مغادرتهم المستشفى يتوافدون على الحمام الرملي من أجل تخفيف الآلام وامتصاص الصدمات المتبقية في العظام.
وذكر الحاج عريبي أنه أشرف شخصيا على علاج حالات مرضية عديدة بواسطة الحمام الرملي، مما يؤكد – حسبه- على أهمية هذا العلاج الطبيعي.
وبرأي الدكتور برماكي مصطفى، وهو طبيب عام، فإن الحمام الرملي “له فوائد صحية جيدة”، بحيث تحتوي الرمال على ذرات طينية لها طاقة إيجابية والتي بدورها تقوم بإخراج كل الطاقات السلبية من الجسم.
كما تحتوي الرمال على عدة معادن من بينها السيريوم وهو معدن مهم من الجانب الصحي والعلاجي للجسم، حسب ذات الإطار الطبي.
وأكد الدكتور برماكي أيضا على أهمية الحرص على طلب الاستشارة الطبية بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، قبل استعمال الحمام الرملي.
فوائد صحية ومزايا اجتماعية
وعلاوة على الفوائد الصحية، فإن الحمام الرملي يحمل أيضا مزايا اجتماعية، حيث يعد فضاء للتعارف بين العائلات التي تقبل عليه، وتنسج فيه علاقات اجتماعية على غرار الخطوبة وتحديد مواعيد الزواج، وأيضا التحضير لمناسبات اجتماعية، كما تقول الحاجة حبيتات عائشة من مدينة إن صالح.
وأكدت ذات المتحدثة أن الحمام الرملي يعتبر نقطة تلاقي بين العائلات من مختلف مناطق إن صالح، حيث يتم التعارف بينها، كما يشكل فضاء لحل المشاكل والخلافات العائلية، حيث يظل الحمام الرملي – كما أضافت – المتنفس الطبيعي والعلاجي إلى يومنا هذا.
مساع لترقية الحمام الرملي
ومن جهته، أكد مدير السياحة والصناعة التقليدية بولاية عين صالح، احميدة بن الزاير، أن القطاع يسعى إلى تثمين وترقية الحمام الرملي على مستوى إقليم الولاية، بالنظر إلى ما يستقطبه من أفواج من الزوار، مما يشكل أحد عوامل الترويج السياحي لهذه الولاية الفتية.
وعلاوة على فوائده وقيمته العلاجية والصحية، كما يعتقد الكثير، فإن الحمام الرملي بولاية إن صالح يقدم إضافة لما تتمتع به الولاية من قدرات سياحية طبيعية من رمال ذهبية وواحات نخيل ومناظر طبيعية خلابة التي تستقطب سنويا أعدادا كبيرة من السواح الوطنيين والأجانب من عشاق الطبيعة الصحراوية، حيث تشكل المنطقة معبرا لقوافل السواح المتجهين نحو مناطق الجنوب الكبير.
ق. م