إن معي ربي سيهدين

إن معي ربي سيهدين

قال موسى عليه السلام تلك الكلمة المليئة باليقين والثقة بالله عز وجل: ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ” ،فجاء الفرج مباشرة، فانفلق البحر العظيم بضربة واحدة من عصا موسى، وتحول إلى طريق يابس أنجى الله فيه موسى ومن معه، وأهلك فيه فرعون وجنده أجمعين. بعد تلك الكلمة المليئة باليقين والثقة بالله جاءت النجاة؛ قال موسى تلك الكلمة التي زلزلت عروش اليأس والتردد والخوف من قلوب أصحابه، لتزلزل بعد ذلك الباطلَ وتقضي عليه، ويهلك غير مأسوف عليه. ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ” ؛ يعني لا يأس بل ثقة وأمل، كلا، ما دام الله موجود فلا خوف بل طمأنينة، كلا، لا رجوع بل استكمال للمسيرة؛ إما النجاة والغلبة، أو الموت في سبيل الله. ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ” ، يقين يزلزل الجبال الرواسي، وثقة بالله تفلق البحر، فتجعله كالطود العظيم بأمر الله، وطمأنينة تمنح الأمان وتحيل الأرض المغمورة بالماء والطين إلى أرض يابسه، وأمل يبلغ الشاطئ وينجي من العدو.

قالها موسى وتقولها أنت وأقولها أنا حين يغشانا الكرب وتخيم علينا الأحزان، وتزداد علينا المحن، ويتكالب علينا الأعداء، حين الكرب والفقر والجوع والخوف والفزع، حين الألم والمرض والابتلاء، حين لا يبقى أي بصيص أمل نقول بأعلى أصواتنا: ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ “، حين يبلغ اليأس مبلغه، والفزع منتهاه، عند الظلم من القريب والبعيد من العدو والصديق من الجار والزميل، ولا تجد لنفسك قوة ولا مجال أمامك للخلاص أو النجاة، قل ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ “، حين يخذلك الصديق ويغدر بك الجار، ويستخف بك البعيد، ويشمت بك القريب ويتشفى منك العدو، قل: ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ “، حين فساد من حولك وانحرافهم، حين يشعرك اليأس بأنه لا فائدة في نصحهم وتذكيرهم، فيضيق صدرك ولا ينطلق لسانك قل: ” كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ “.