الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية..

ابن باديس: “صلاح الأمة من صلاح العلماء”

ابن باديس: “صلاح الأمة من صلاح العلماء”

يرى ابن باديس أن العلم منه فرض عين ومنه فرض كفاية، ولابد للمسلم من معرفة ما هـو فرض عين عليه، إذ “الإسلام دين له عقائد وأخلاق وأحكام، وأن على المسلم أن يعرف من ذلك ما لا يكون المسلم مسلما إلا به، وأن عليه أن يقوم بذلك في أهله وبنيه وبناته، ومن في رعايته وكفالته”. وفي هـذا يقول ابن باديس: “إن أهل العلم في كل قطر، هـم مصدر الهداية والإرشاد، ومبعث التثقيف والتهذيب، وكل واحد في ناحيته هـو نبراسها في ظلمة الجهل، ومرجعها في مشكلات الأمور”. ويبين ابن باديس فضل العلماء وعلو مكانتهم، وعظيم المسئولية الملقاة على عاتقهم، فيقول: ” العلماء ورثة الأنبياء، وما ورث الأنبياء دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، والعلم مستمد من الرسالة، فعلى أهله واجب التبليغ والنذارة، والصبر على ما في طريق ذلك من الأذى والبلاء، والعطف على الخلق والرحمة”. ويرى ابن باديس أن العلم مصدر لمزيد من المسئولية عن المجتمع يتحملها العالم، وليس العلم مصدر امتياز في التمتع والمنافع والاستئثار، يدل به العالم على سواه، فكلما ازداد الإنسان علما ازداد تحملا للمسئولية، لازدياد إدراكه لمدى واجباته. “وأن العلم أمانة عند العلماء، وهم مكلفون بأدائه لمستحقيه، وليس العلم ملكا لهم يستغلونه، فيكتمونه إذا رأوا الكتمان أوفق بمصالحهم الشخصيـة، وينشـرون منـه ما لا يصادم أهواء العامة، بل يزيدهم جاها لديهم، ولا أبخس صفقة ممن اشترى الحياة الدنيا بالآخرة”. والحقيقة أن تاريخ الأمة الطويل يشهد على الارتباط الوثيق بين صلاح العلماء وازدهار الأمة، فكلما قام العلماء بواجبهم تجاه الأمة، صلحت أمورها وازدهرت، فكلما قعدوا عن ذلك تدهورت وانحطت. وفي هـذا يقول ابن باديس: “وإنا إذا راجعنا تاريخ المسلمين، في سعادتهم وشقائهم وارتفاعهم وانحطاطهم، وجدنا ذلك يرتبط ارتباطا متينا بقيام العلماء بواجبهم، أو قعودهم عما فرض الله وأخذ به الميثاق عليهم”. يقـول تعـالى “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ” النحل:44. ويقول تعالى ” وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ” آل عمران:187. فابن باديس يذكر العلماء بالميثاق الذي أخذه الله عليهم، من وجوب تبيين الحق للناس، فيقول: “ولهذا فنحن ندعو العلماء كلهم إلى أن يذكروا هـذا الميثاق، وأن لا ينبذوه وراء ظهورهم، وأن يبادر كل ساكت وقاعد إلى التوبة والإصلاح والبيان”.

 

الكاتب محمد حميداتو