قال ربنا سبحانه ” ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ” الأعراف: 55. وقال جل شأنه ” فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” غافر: 14. إن للدعاء فضلًا عظيمًا، وثوابًا جزيلًا، وها هي بعض فضائلِ الدعاء؛ لتكون مُحفِّزًا لك للمداومة على الدعاء ليلًا ونهارًا، سرًّا وجهرًا سُجدًا وقيامًا. قال ربنا سبحانه ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ” غافر: 60. وقال جل شأنه ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” البقرة: 186. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا يزالُ يُستجابُ للعبدِ ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ، ما لم يستعجِل”، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجالُ؟ قال: يقول: “قد دعوتُ وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجِيبُ لي، فيستحسِرُ عند ذلك ويدَعُ الدعاءَ” مسلم. قال العلماء: يجب على العبدِ أن يكون أبدًا في دعائه مُظهرًا الحاجةَ والطاعةَ لله تعالى، وألا يكونَ غرضُه من الدعاءِ ما يريدُ فقط، فإذا لم ينلْه ثقُلَ عليه الدعاءُ، بل الواجبُ إدامةُ الدعاءِ، وتركُ اليأسِ من الإجابةِ، ودوامُ الرجاءِ، والإلحاحُ في الدعاءِ؛ فإنَّ الله يحبُّ المُلحِّينَ عليه في الدعاءِ. وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله حييٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفعَ الرجلُ إليه يديه أن يردَّهما صِفرًا خائبتين” الترمذي. وقال الله تعالى ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ” غافر: 60، وقال إبراهيم عليه السلام ” وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ” مريم: 48، قال العلماء: ومعناه أنَّ الدعاءَ مُعظَمُ العبادةِ، أو هو العبادةُ الحقيقيةُ التي تستأهِلُ أن تُسمَّى عبادةً؛ لدلالته على الإقبالِ على الله، والإعراضِ عما سواه، بحيث لا يرجو ولا يخافُ إلا إياه؛ فالدعاءُ فيه إظهارُ العبدِ غاية التذلُّلِ والاستكانةِ، وفيه إظهارُ الافتقارِ إلى الله، والاعترافُ بأنَّ الله تعالى قادرٌ على إجابته، وما شُرِعَت العباداتُ إلا للخضوعِ للباري وإظهارِ الافتقارِ إليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليس شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاءِ”.
موقع إسلام أون لاين