عرفت الجريمة الإلكترونية في الجزائر ارتفاعا مخيفا في معدلها، الأمر الذي جعل مصالح الأمن تدق ناقوس الخطر نظرا لاستفحال هذه الجريمة في المجتمع، بالرغم من أن الجزائر صارت من بين البلدان المعنية بالمشروع الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية، لأن التقارير الأخيرة كشفت أنها تتصدر المراتب الأولى فيما يتعلق بالقرصنة إفريقيا وعربيا، حيث وصلت النسبة إلى 85 بالمائة.
لم تصل حدة خطورة الجريمة الإلكترونية في السنوات الماضية إلى ما وصلت إليه في الآونة الأخيرة، حيث صارت كالإرهاب الصامت يوجه سهامه القاتلة إلى عدد من فئات المجتمع الجزائري، وهذا راجع إلى الاستعمال السيئ للشبكة العنكبوتية الذي يؤدي بدوره إلى ارتكاب جرائم إلكترونية، التي تدفع العديد من المتورطين إلى المساس بالحياة الشخصية للأفراد نتيجة أسباب عديدة ومختلفة، تجتمع في فكرة واحدة وهي الانتقام بالمنظور التكنولوجي الجديد لمرتكبي الجرائم الإلكترونية.
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة
اختلفت طريقة انتقام بعض الأفراد عما كانت عليه في السابق، حيث وجد الكثيرون في الشبكة العنكبوتية سبيلا للوصول إلى مبتغاهم وإنجاح خططهم الثأرية، خاصة مع سهولة وتوفر هذه التكنولوجيا، فأسباب ارتكاب الجرائم الإلكترونية عديدة ومختلفة، حصرتها مصالح الأمن في حب الانتقام والغيرة، إضافة إلى استغلال العديد من المجرمين شبكة الأنترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل نصب فخ لضحاياهم واصطيادهم لمساومتهم وابتزازهم فيما بعد، واختلفت القضايا التي عالجتها مصالح الأمن في العام الماضي والتي بلغ عددها 12 قضية، إضافة إلى قضايا القذف التي وصلت الى 28 قضية، الآداب العامة بـ 5 قضايا، في حين سجلت 20 قضية تتعلق بالتوغل في الأنظمة المعلوماتية و21 قضية انتحال شخصية، و8 قضايا تتعلق بإهانة هيئات عمومية، حيث جاءت معالجة هذه القضايا بعد الشكاوى التي يودعها الضحايا لدى مصالح الشرطة القضائية، والتي تباشر على الفور تحرياتها على مستوى مخابر الشرطة العلمية المختصة.
الشرطة تقود العمل الوقائي لحماية الأطفال من الجريمة الإلكترونية
لم تقتصر الجريمة الإلكترونية على فئة دون غيرها، بل صارت اليوم تشمل كل أفراد المجتمع بمن فيهم الأطفال الذين صاروا مهددين بالتورط في هذه الجريمة الخطيرة، خاصة وأنهم الأكثر استعمالا للشبكة العنكبوتية نتيجة معرفتهم المبكرة بالتكنولوجيا وهم في سن صغيرة، الأمر الذي جعل مصالح الأمن تكثف من مجهوداتها في هذا الإطار، من أجل حماية الأطفال من مثل هذه الظواهر، وتعد المراقبة من بين أنجع الطرق للحد من انتشار الجريمة الإلكترونية، حيث تتكفل مصالح الشرطة بهذه المهمة عن طريق مراقبة مقاهي الأنترنت، وذلك لحماية الأطفال من الميل نحو تلك الطريق، زيادة على العمل التحسيسي حسب ما صرح به نائب مدير القضايا الاقتصادية والمالية بمديرية الشرطة القضائية، عميد أول للشرطة، حساني فيصل، الذي أضاف أن حماية الأطفال من هذه الجريمة يبدأ من الأسرة والمدرسة، مؤكدا على ضرورة وجود رقابة تامة عليهم خاصة
وأن أغلب الضحايا يتعرضون للتحرش الجنسي بسبب العلاقات العاطفية وغيرها.
من ناحية أخرى، قالت الأستاذة زهرة فاسي مختصة في علم الاجتماع في اتصال بـ “الموعد اليومي”، إن غياب الأخلاق والوازع الديني من بين أهم العوامل التي ساعدت على تنامي الجريمة الإلكترونية في المجتمع الجزائري وزيادة خطورتها، مضيفة بأن الأشخاص الذين تعودوا على الإجرام في الشارع هم أنفسهم الذين يتورطون في جرائم إلكترونية.
اهتمام كبير بمكافحة الجريمة الإلكترونية للحد من انتشارها
تفتح مصالح الشرطة القضائية أبوابها للمواطنين من أجل استقبال الشكاوى المتعلقة بتعرضهم للجريمة الإلكترونية، حيث تقوم بتحريات تفيد بمعرفة معلومات وتفاصيل عديدة عن الجريمة، كما يتم الاستعانة بالمتعاملين الثلاثة للهاتف النقال من أجل الوصول إلى مرتكبي الجرائم الإلكترونية، قبل عرض المعلومات التي يتم جمعها على مخبر الشرطة العلمية، الذي يعد من بين أهم الوسائل المستغلة في التحقيقات الخاصة بالجريمة الإلكترونية، وفي نفس السياق كانت الجزائر قد أدرجت ضمن مجموعة الدول المكلفة بمشروع إعداد بحث لتحديد آلية تطور الهجمات الإلكترونية، خلال السنوات الثمانية المقبلة من طرف منظمة “التحالف الدولي لحماية أمن الأنترنت”.
ق. م