الأُغْنِيَةُ الرَّابِعَةُ

الأُغْنِيَةُ الرَّابِعَةُ

غَدَا عَـاذِلي دُونَ الخَـليلِ مُعَلِّلِي
يُنادِمُنِي أَمْسِي الجَرِيحَ وَأَوَّلِي

وَيَسْهَدُ جَنْبِي للـصَّبَاحِ مُؤَانِسًا
فُؤَادًا بأَضْرَابِ الصَّبَابَةِ يَـصْطَلِي

وَيَسْمَعُ نَثْرًا لِلخَلِيلِ رَفـعــتُهُ
عَلى زَوْرَقِ الـمَعْنَى بِتَجْدِيفِ مِقْوَلِي

قَلاَئِدَ مِنْ رَاحِ السُّهَادِ أَفُـصُّهَا
وَلَسْتُ بِعَــرَّافٍ يَفُكُّ وَيَجْتَلِي

وَلَكِنَّمَا الـمَجْرُوحُ مُـذْ قَــدَّ لَيْلَهُ
نَهَارُ الهَوَى لَمْ يَغْفُ قَطُّ بِمَنْـزِلِ

إِذَا نَامَ خَلْقُ اللَّهِقَامَتْ حُرُوفُهُ
وَمَازَجَ فِيهِ الحِبْرُ دَمْـعَ التَّذَلُّـلِ

وَجَابَتْ قَرَاطِيسُ الخَيَالِ بِكَفِّهِ
مَوَاطِئَ لَمْ تُوطَأْ بِضَادٍ مُهَلْهَلِ

بِرَمْشَةِ عَيْنٍ تُوقظُ الدَّمْعَ أَيْنمَا
خَبَا ثُمَّ تَأْتـي مُثْقَلاَتٍ لِمُثْقَلِ

وَلَيْسَ لَهَا عِلْمُ الكِتَابِ إذَا ابْتَغَتْ
تَخَطُّفَ مَعْنَى لاَ يَلِينُ لِمُقْبِلِ

وَلَكِنَّهُ شَّوْقي يُنِيخُ لِظَمْئهَا
بَلاَقِيسَ تَسْتَعْصِي عَلَى كُلِّ مُرْسَلِ

بَلاَقِيسَ لَمْ تَذْهَلْ بِصَرْحٍ مُمَّـرَّدٍ
وَلاَ فُوجِئَتْ يَوْمًا بِجِنٍّ مُكَـبّلِ

لَهَا مِنْ صِفَاتِ الحُسْنِ مَا يُذْهِلُ الـمَدَى
وَيَضْوِي سَمَارَ الشَّمْسِ فِي عِزِّ الَلْيَلِ

وَيَخْدِشُ وَجْهَ البَدْرِ فِي عُقْرِ غَيْمِهِ
وَيَنْزِلُ بِالنَّجْمِ الثُّرَيَّا وَيَعْتَلِي

وَيُدْنِفُ نَوَّاسَ الخُمُورِ بِنَظْرَةٍ
وَيُسْكِرُ قَبْلَ الرَّشْفِ رُوحَ المُهَلْهِلِ

وَيُسْقِطُ جَسَّاسًا عَلَى بَابِ وَائلٍ
وَيَكْسِرُ سَهْمًا مِنْهُ طَـاشَ لِيَبْتَلِي

وَيَمْسَحُ عَنْ عَبْسٍ سُحَامَ عُبُوسِهَا
وَيَحْقِنُ فِي ذُبْيَانَ دَمْعَ التَّعَــجُّلِ

فَلاَ تُغْبِرُ الغَبْرَاءُ وَجْنَةَ دَاحِــسٍ
وَلاَ دَاحِسٌ تُرْدِي البَيَاضَ بِمِنْصَلِ

وَيَفْئِدُ أَسْمَاءً وَهِنْدًا ويُـسْقِطُ
هُرَيْرَةَ أَعْشَى عَنْ بَـعِيرَ المُـنَخِّلِ

وَيَفْقَأُ زَرْقَاءَ الصُّدُودِ وَيَنْـتِفُ
سَوَادَ غُرَابِ البَيْنِ لَوْ قَامَ يَعْـتَلـِي

وَيَغْسِلُ كِبْرَ الغِيدِ مَاءً إِذَا هَمَتْ
بِهِ لَحْـظَةً مَا يَمَّمَتْ صَــوْبَ جُلْجُلِ

وَصَــارَ لَهَــا وِرْدًا تُـدَاوِمُ وِرْدَهُ
غُــــــدُوًّا وَإِمْسَاءً بِغـيْرِ تَبَدُّلِي

فَتُسْقَى بِمَا فِيـــهِ تأَجُّجُ ظَمْــئِهَا
إلَى كُلِّ مَصْدُودٍ عَنِ الجِيدِ وَالحَلـــِي

كِلاَمٌ بِهِ أُسْـلِي الخَــلِيلَ خَـلِيلَهُ
وَأُشْعِلُ حُمَّى الذِّكْرَيَاتِ بِـجَـنْـدَلِ

 

بقلم: عبد الرحمان ضيباوي/ تلمسان