الإجازة الصيفية … أحكام وضوابط

الإجازة الصيفية … أحكام وضوابط

تبدأ إجازةُ الصيف، ومعها في الغالب تكون إجازاتُ الآباء؛ حتى ينعموا بإجازة طيبة مع أبنائهم. وهذه الإجازةُ لابد منها، فبعد الجدِّ والتعب، والسهرِ والنَّصبِ، والدراسةِ والمذاكرة، والعناءِ وبذلِ الجهد والإرهاق، لابدَّ أن يأتي شيءٌ من الترويح والراحة والاسترخاء والاستجمام.. فبعد عام طويل من الضغط النفسي، والشدِّ العصبي، والجَهد البدني؛ لابدَّ للنفسِ والجسمِ من الراحة بعد الكدِّ، وإلى المرح والترويح بعد الجِدِّ، وإلى شيء من الاسترخاء والاستجمام بعد الضغط والشدِّ؛ فالنُّفوس تميل إلى التَّجديد والتَّنويع، وترنو إلى التَّرويح واللَّهو المُباح؛ دفعًا للكآبة، ورفعًا للسَّآمة، وهذا أمر ينبغي أن يراعى في حياة الناس، فكما أن حياة الإنسان لا يمكن أن تكون كلُّها لهوًا ولعبا، وتضييعًا وتفريطًا، ولذة ومتعة مطلقةً، كذلك لا يمكنُ أن تكونَ كلُّها جِدًّا مضنيا وعملا مرهقا متواصلا. وقد راعى الإسلام هذا، فلم يفرض على أتباعه أن يكون كلُّ أوقاتهم صلاة وعبادة وقراءة للقرآن وتسبيحا للرحمن؛ بل جعل للنفس شيئًا من الترويح والإراحة المنضبطين بقواعد الإسلام ومقاصده. وقد بين الله هذا ورسوله؛ فقال تعالى “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا” القصص: 77

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ”. فالإجازة في حقيقتها استراحةُ محارب يطلب فيها إراحةُ الأبدان، وتصفيةُ الأذهان، وتعليلُ النفس، واستعادةُ النشاط، ودفعُ الكآبة، ورفعُ الملل والسَّآمة؛ ليعودَ بعدَها الطالبُ إلى مقاعِدِ الدِّراسة، والموظف إلى كرسي العمل بهمَّة وقَّادة، وعزيمةٍ وثَّابة، وإقبال ونشاط، في غير كلل ولا ملل. غير أن البعض ينظرون إلى الإجازة على أنها عطالةٌ وبطالةُ، ومفهومُها عندهم مرتبط باللهو واللعب، والنوم والمرح، والسفر والسهر، في النهار نوم وخمول، وفي اليل سهر وطرب ومجون، وضجيج وطنين، أو تسكع في الأسواق وأماكن التجمعات، أو لعب بالورق، أو جلوس وقبوع أمام الشاشات والفضائيات، أو حتى جلوس على المقاهي إلى أول ساعات النهار.
الإجازة وإن كان فيها توقف عن الدراسة للطلاب، وتوقفُ البعض عن عملهم الوظيفي؛ فإنه ليس فيها توقفٌ عن العبودية؛ فإنَّ العبوديةَ وصف لازم للعبد لا ينفك عنه أبدا، فأنت عبد لله في دراستك وعطلتك، وعملك وإجازتك، وفي سفرك وإقامتك، وفي كل زمان ومكان، بل أنت عبد لله في كل حياتك، وهذا سر عزّك، ووسامُ شرفك، وتاجُ مجدك، وأكسيرُ حياتك، وسبيلُ سعادتك، فينبغي لك ألاَّ تغفل عنه طرفة عين “قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”. الأنعام:162.

من موقع الالوكة الإسلامي