قبل أن تحط بي الرحال على أرض بونابرت وفيكتور هيغو، كانت لي فكرة سطحية عن الإعلام الفرنسي وعن اللوبي اليهودي، تلك الأفكار التي استقيتها من بعض قراءاتي السابقة في مجلات محترمة وبعض المواضيع القيمة لأقلام جزائرية، لكن لم أتصور أن أجد هذا الكم الكبير من الجهل أو الآراء والأفكار المعولبة التي تخص المسلمين عامة والعرب على وجه الخصوص، فكلمة عربي أصبحت مرادفا للسارق والمتخلف والإرهابي الذي لا يحترم أي شيء ويعتبر الكثير أن وجود العرب والمسلمين تهديد لنسيجهم الاجتماعي شكلا ومضمونا! ونسي أو تناسى هؤلاء أن العرب القادمين من مستعمرات فرنسا القديمة لهم عظيم الفضل فيما وصلت إليه فرنسا من نمو معماري وتطور اقتصادي وآلاف المباني والمناجم والمصانع شاهدة على ذلك، وقام الجيل الثالث والرابع بوضع بصماته في كل الدواليب الاقتصادية والمعرفية في البلد، لكن هذا لم يوسم صورة الإنسان العربي و للإعلام ضلع في هذا الشأن، فهو يقوم بمهمة دنيئة ليس من خلفياتها إلا الاستمرار الأبدي في رسم أبشع الصور للإنسان العربي، فالإعلام المرئي والمكتوب لا همّ له إلا الحديث عن تصرفات طائشة لنسبة من شباب الأحياء التي يسمونها -حساسة!- والتي تتركز فيها غالبية الجاليات الأجنبية ونسبة من الحالات الاجتماعية الفرنسية، فهؤلاء الشباب نتاج المجتمع الفرنسي نشأ وترعرع هنا لكن الإعلام المشبوه يعيدهم دائما إلى جذورهم رغم أن الكثير منهم لم يغادر فرنسا و لو مرة في حياته ! فلمَ كل هذا التكالب وكل هذا الحقد؟ لكن ما لبث أن انقشعت سحابة الشك السميكة بعد البحث والتمحيص، فالإعلام بكل أنواعه تحت إمرة اليهود الفرنسيين ويكفي أن تشاهد عديد البرامج السياسية والفنية لكي تتيقن من ذلك، فكلهم يواصلون كيل أبشع التهم للعرب دون حسيب ورقيب لأن شتم العرب مقبول لأن القانون يضمن حرية التعبير؟!لكن أن تقول شيئا عن اليهود ولو من باب المزاح، فإياك ثم إياك فقد فتحت على نفسك أبواب جهنم! كما حصل للفنان الكوميدي -ديو دوني-فالمسكين منعت عليه كل بلاتوهات التلفزيون بمختلف قنواته وأوقفت عدة دور عرض تقديم أعماله لأنه تجرأ أن يقدم دقائق في أحد عروضه متهكما من اليهود كما فعل مع المسلمين وغيرهم دون إزعاج! لكن المجتمع الفرنسي فريسة سهلة جدا للإعلام اليهودي الذي أصبح يسيره كقطيع من النعاج وتحيا حرية التعبير في بلاد -الحرية! المساواة!
عبد الكريم