وصفه الباحثون بـ "الوقاحة المعاصرة"

الانشغال بالهاتف.. يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية

الانشغال بالهاتف.. يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية

وصف باحثون بجامعة جورجيا من خلال نتائج دراسة قاموا بها التجاهل باستعمال الهاتف النقال أنه نوع من أنواع “الوقاحة المعاصرة”، ويؤثر سلبا على العلاقات.

قالت اختصاصية العلاج الأسري كولين مارشال لموقع “فري ويل مايند”، “إذا كنت تركز على هاتفك، فأنت تبعث رسالة مفادها أن ما تقرأه أو تشاهده أكثر أهمية من الذي أمامك”. وأضافت أن ممارسة سلوك التجاهل بشكل متكرر قد يؤدي لتقليل جودة التفاعلات الشخصية ويؤثر سلبا على علاقتك بالآخرين.

 

يفصلنا عن الواقع والمحيط

من جهتها، حذرت اختصاصية العلاج النفسي راشيل غولدبرغ من أن التجاهل باستخدام الهاتف يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالانفصال وقلة الألفة، وأضافت لموقع “فري ويل مايند” أن اللجوء المستمر لهواتفنا يفقدنا القدرة على الاستمتاع باللحظة وعيشها كما يجب، كما قد يؤدي بمرور الوقت إلى زيادة القلق والاكتئاب.

في دراسة قام بها باحثون بجامعة كولومبيا البريطانية عام 2017، تم تجنيد 300 شخص للمشاركة في تناول وجبة بمطعم مع وجود هواتفهم على الطاولة أو بدونها، وتوصلت الدراسة إلى أن الذين يتركون هواتفهم بالقرب منهم أثناء اللقاءات الشخصية يشعرون بالتشتت ويقل استمتاعهم بقضاء الوقت، في حين يشعر الطرف الآخر بعدم الأهمية وانخفاض مستوى الرضا وتدني الشعور بالترابط.

 

العلاقات الأسرية.. المتأثر رقم واحد

أكدت دراسة نشرتها دورية أجهزة الحاسوب والسلوك البشري عام 2022، وكشفت عن العلاقة بين التجاهل بالانشغال بالهاتف وانخفاض مستوى الرضا الزوجي وكذلك الانفصال العاطفي والرضا عن الحياة بشكل عام، ووثق الباحثون مجموعة من المشاعر والانفعالات التي تصيب الطرف الآخر مع تكرار تجاهله باستخدام الهاتف ومنها:

الشعور بمزيد من القلق والاستياء والملل.

الرغبة في المعاملة بالمثل كآلية دفاعية من خلال تبادل التجاهل والإفراط في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي لاستعادة بعض الاهتمام المفقود.

انعدام الثقة وإثارة مشاعر الغيرة خوفا من أن يكون الانشغال بالهاتف سببه علاقة عاطفية مع شخص آخر.

أما على مستوى الأبناء، فعندما يقوم الآباء بتصفح الهاتف أثناء محادثة أبنائهم أو الجلوس معهم لتناول الطعام، فإن هذا يبعث رسالة مفادها أن والديهم غير مهتمين بمشاعرهم أو احتياجاتهم العاطفية.

 

لماذا نعطي الأولوية لتصفح الهاتف؟

خلصت الدراسات إلى وجود بعض الأسباب التي تعزز التجاهل بالانشغال بالهاتف ومنها:

الخوف من تفويت شيء

إدمان الهواتف

الافتقار إلى ضبط النفس، ففي عام 2019، نشر جيسبر آجارد من جامعة آرهوس ورقة بحثية استكشفت علاقة الشباب بالهواتف المحمولة ورغبتهم المستمرة في التحقق من الرسائل والاشعارات، وأكد المشاركون أنه رغم اقتناعهم بأنه سلوك مزعج ويرفضون أن يُمارس عليهم، إلا أنهم لا يستطيعون التوقف عنه في بعض الأحيان.

وفسر آجارد هذه الثنائية بما يسمى في علم الاقتصاد السلوكي “عدم الاتساق الزمني” ويشير إلى عدم القدرة على اتخاذ القرار الصحيح والتصرف على عكس القناعة الشخصية، ولا سيما أن الدماغ البشري يميل إلى تقدير المكافآت الفورية أكثر من المكافآت ذات الفوائد طويلة الأجل.

حلول قد تجدها صعبة لكنها عملية

يقول المختصون إنه ومن أجل التخلص من إدمان الهاتف النقال وعدم مقاومة رغبة تصفحه، عليك بالكثير من الإرادة واجعل من عدم النظر إلى هاتفك قاعدة شخصية إذا كنت تتحدث مع أي شخص آخر.

وعندما تشعر بالرغبة في تصفح الهاتف، ضعه بعيدا وانظر في عين من يحاورك واستمع لما يقوله، فهذه التفاعلات المباشرة تعمل على تعزيز الروابط والعلاقات، وبناء الثقة، وتسهيل فهم المواقف والعواطف التي غالبا ما يتم تجاهلها في العالم الافتراضي.

وأهم ما قد يساعدك في الموضوع هو إيقاف تشغيل إشعارات الهاتف أثناء اللقاءات، إذ أن الأصوات التي تصدرها هواتفنا تشكل تحديا كبيرا لقدرتنا على الاهتمام بالأشخاص من حولنا وتؤدي تلقائيا إلى الرغبة في التحقق منه.

ق. م