إن الاستعمار الفرنسي للجزائر لم يكن مجرد استعمار أرض بل تعداه إلى الإنسان، ولم يكن هدفه السيطرة على خيرات الجزائر فقط، بل يعد اختراق للشخصية والهوية الجزائرية العربية الإسلامية. إن ثورة الجزائر التي انطلقت في الفاتح من نوفمبر 1954، تعد من علامات الأصالة الإسلامية والبطولات العربية وهي ثمرة من ثمار اليقظة العربية الإسلامية، وإذ كانت اللغة العربية قد أصيبت في الجزائر بالضعف بعض الشيء، فقد ظل الإسلام نفسه هو العامل الأقوى في الحفاظ على الشخصية الجزائرية العربية المسلمة وهذا ما يؤكده “جاك برك” بقوله:” لولا الإسلام في الجزائر لفقدت الشخصية الجزائرية ذاتيتها”. كما تعد ثورة الجزائر ثورة إسلامية في منطلقاتها وأهدافها وذلك ما نلتمسه من خلال إيديولوجية المعبرة عنها في بيان أول نوفمبر، ومن خلال شعاراتها ”الله أكبر”. ويرى بعض الكتاب والمؤرخين أن القرآن الكريم معلم هام لإيديولوجية الثورة الجزائرية باختلاف مع غيرها من الثورات، فقد كانت ثورة شعبية مدفوعة بعبارة ” الله أكبر ” وكلمة ”الجهاد”، فالثورة لم تكن عندها فلسفة فيلسوف ولا صحيفة ميثاق عدا القرآن الكريم، كما ترجع بعض الكتابات التاريخية أن العامل الديني هو من أهم العوامل المدعمة لحركة التحرر الجزائرية، فالواجب الديني، والواجب الوطني أغرم على الجزائريين المسلمين مواجهة الاستعمار الفرنسي. إذا لا يمكن تبرير ثورة الجزائر التي قامت في القرن العشرين، إلا بالدوافع الدينية، حيث نجد أن قيادة الثورة ورجال الزوايا كانت معقلا لها، وإن الدافع كان هو الجهاد في سبيل الله، وإن جمعية العلماء المسلمين اتخذت على عاتقها الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية الجزائرية، حيث كان من أهم أهدافها سياسة التدرج للوصول إلى تحقيق الاستقلال وبناء الدولة الجزائرية. وخلاصة القول أن الدفاع عن اللغة والإسلام كان هو الخط أو الخندق الرئيسي الذي لم يستطع الاستعمار الفرنسي أن يزيحه من طريقه، فالإسلام هو الصخرة التي تحطمت عليها محاولات الاستعمار الفرنسي للنيل من شخصية الأمة من خلال حملات التنصير والتغريب، فبفضل الإسلام صمدت عقيدة الأمة الجزائرية وحافظت على ثقافتها وهويتها، وهو البعد الذي وظفته الحركة الوطنية الجزائرية لتعبئة الجماهير في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
مذكرة تخرج – جامعة تيارت-