البعد الديني في الثورة الجزائرية.. المجال الثقافي الديني

البعد الديني في الثورة الجزائرية.. المجال الثقافي الديني

أما من الناحية الثقافية الدينية فإن النفوذ الاستعماري قد وجد في هذا المجال سلاحا خطيرا يقاوم به الانتماء العربي إلى الفكر الإسلامي والقرآن والإسلام واللغة العربية، والقيم الأساسية التي أقام بناءه الفكري عليها، وقد اتخذ النفوذ الاستعماري من التبشير والتغريب والشعوبية والغزو الثقافي وسائل جديدة خطيرة خفية في سبيل نقض هذه الروابط الأساسية بين الأمة العربية وتراثها وفكرها وإشارة شبهات متعددة ومتصلة حول الفكر الإسلامي العربي بالإضافة إلى تأريث الخلافات بين المذاهب والملل، وتعميق الفوارق المتصلة بالقوميات والأجناس والطوائف، وتجميدها حتى لا يتم انصهار الأمة العربية في بوتقة فكرها الإسلامي الأصيل مع فرض تيارات غربية متعددة. ومن خلال مناهج التعليم جعلت السلطات الفرنسية التعليم من رياض الأطفال إلى الفرق العالية باللغة الفرنسية وحدها، وجعلت كل مدرسة تقوم بتدريس اللغة العربية في عددا من المدارس الأجنبية، وكذلك الشأن في الصحف وكل رسالة بريد عنونت باللغة العربية يكون مصيرها الإهمال، كما سجلت السلطات الفرنسية المدرسين الجزائريين الذين حاولوا أن يدرسوا لتلاميذهم تاريخ الجزائر العربية الفرنسية، وكانوا يرون أن تاريخ الجزائر يجب أن يبدأ منذ عام 1830 م . إن الجزائر هي الدولة التي تعرضت شخصيتها لأعمق الشروخ دينيا ولغويا وثقافيا، فقد شكل الدفاع عن مقومات التعليم وإصلاح نظمه، موضوعا مركزيا في مضمار مقاومة الاستعمار والعمل على تجاوز مضاعفاته على عروبة الجزائر وانتمائها الإسلامي، لقد طالت الحرب وتحمل الجزائريون جميع أنواع الاضطهاد والحرمان والتشريد خلال سنوات طويلة، لكن انتصروا في النهاية لأنهم على حق وخصمهم على باطل، كما أنهم برهنوا من خلال تحليهم بالصبر ووجود عزائم قوية لا توهن عن أصالتهم الثورية الإسلامية والعربية لأنه كان عندهم إيمان بعدالة مطالبهم.

 

مذكرة تخرج – جامعة تيارت-