البعد الديني في الثورة الجزائرية.. المجال الاجتماعي

البعد الديني في الثورة الجزائرية.. المجال الاجتماعي

لم يكن الاحتلال الفرنسي للجزائر غزوا واحتلالا فقط، بل كان محاولة لاستبدال حضارة بحضارة وتنظيما اجتماعيا بتنظيم اجتماعي ولغة بلغة، فلم تكن هذه الحرب الاستعمارية سوى حرب حضارية، دعمت اللغة والدين، وأصابت التنظيم الفكري، ولكن ذلك كله لم يسهل مهمة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، لأن المقاومة بدأت بإصرار الجزائريين من دعاة الإصلاح بالشبان على تعلم اللغة العربية، ولعل هذه الحملة التي بدأها مشايخ الجزائريين حيث كانوا يجمعون الفرنكات القليلة لإقامة المدارس الابتدائية الإسلامية لتعليم الصغار مبادئ اللغة والقرآن، ويبدو البعد الديني في الحياة الاجتماعية إبان الثورة المظفرة بقوة، والتي كان لها ارتباط بالدين، وركزت عليها الثورة، كان قانون الأحوال الشخصية، الذي شكل أهم محور ركز المستعمر جهوده عليه بغية تغييره، ونزع محتواه الإسلامي، ويندرج في هذا الإطار الأحكام القضائية، الزواج، وهي أمور لها ارتباط مباشر بحياة الأفراد. إذ تطرقت جبهة التحرير إلى ما تمارسه فرنسا من انتهاكات ضد القضاء الإسلامي، وسحب القضايا المتعلقة بالجزائريين من المحاكم الفرنسية ، وإلزام الجزائريين بضرورة قطع التعامل والتعاون والإداريين مع الإدارة الفرنسية، وإصدار الأحكام المستمدة من الفقه الإسلامي. وعوضا ذلك أنشأت لجان متخصصة أعضاؤها تابعون للجبهة، مهمتهم النظر في قضايا السكان ومما كان يشترط فيهم معركة أحكام الإسلام وحسن السلوك والمكانة الاجتماعية بالإضافة إلى أن ثورة الجزائر قد عبرت عن أمال كل إنسان مضطهد في الجزائر، وخلقت قناعات عامة بأن الأسلوب الثوري هو الأسلوب الوحيد الذي يمكن لكل فرد من المساهمة في تغيير الأوضاع لصالحه ولصالح المجموعات المحرومة مثله. إن الشعور المشترك بالظلم قد دفع بالجزائريين أن يقيموا علاقات جديدة فيما بينهم تقوم على أساس التعاون والاعتماد على القرآن وقواعد العمل الإسلامية والتشاور فيما بينهم بشأن التنظيم الاجتماعي الذي يليق بالجزائر في أوقات الحرب وأوقات السلم.

مذكرة تخرج – جامعة تيارت-