البعد الديني في الثورة الجزائرية.. دور جمعية العلماء المسلمين إبان الاستعمار

البعد الديني في الثورة الجزائرية.. دور جمعية العلماء المسلمين إبان الاستعمار

إن فترة العشرينات من القرن العشرين هي بداية مرحلة جديدة للمقاومة فبعد صمود الزوايا والمساجد وبعض الكتاتيب، ظهرت مرحلة جديدة قادها العلماء المسلمين الذين هيكلوا أنفسهم ضمن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست عقب احتفالات ذكرى مرور قرن من الاحتلال الفرنسي للجزائر. وتعتبر هذه الجمعية حركة سياسية ذات قاعدة شعبية لا مثيل لها في تاريخ الجزائر، فقد اتجهت منذ البداية إلى غرس بذور الروح الوطنية في نفوس الشباب الجزائري وتعليمهم بلغة آبائهم وأجدادهم وتعريفهم بالتراث العربي الإسلامي ، وكذا غرس روح الإيمان الخالص والوطنية الحقة وأخلاق الفضيلة. كما أنها حركة إصلاحية، ذات جذور اجتماعية قوية وبعد إسلامي وذلك في إطار الصحوة

الإسلامية، التي كانت ترمي إلى بعث الروح الوطنية وتوحيد الصف لمجابهة الغربيين المتحالفين ضد المسلمين، كما تركزت جهود الجمعية في الدفاع على شخصية الجزائر وعروبتها وإسلامها في إطار الشعار الخالد” الإسلام ديني والعروبة لغتي والجزائر وطني”،

وفي هذه الفترة الجمعية لم تكن تطالب باستقلال الجزائر، وإنما كانت جهودهم مركزة على الدفاع عن أسس الهوية الجزائرية والدينية، أخذت غاية الجمعية تتوضح أكثر فأكثر، فضمن الإطار الديني دعا ابن باديس العودة إلى سيرة السلف الصالح فقال: “خطتنا الأخذ بالثبات عند أهل النقل الموثوق بهم والاهتداء بفهم الأئمة المعتمد عليهم ودعوة المسلمين كافة إلى السنة النبوية المحمدية دون التفريق بينهم، وغايتنا أن يكون المسلمون مهتدين بهدي بنيهم في الأقوال والأفعال والسير والأحوال، حتى يكونوا للناس كما كان هو صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في الكمال”. وعليه فقد اقترن الفعل الديني بالفعل الوطني عند جمعية العلماء، تدافع عن ذات إسلامية وطنية مناضلة جديدة، وهنا عارضتنا السلطات الفرنسية وحاولت القضاء عليها ولكن رسوخ شعبها ساندها في دوام استمرار ، وهنا يمكن القول أن الدين الإسلامي كان أهم محرك لجهاد أجدادنا وآبائنا ضد الاستعمار الفرنسي من البداية إلى النهاية، وهو حاجز كبير حطم السياسة الفرنسية من تمسيح وتنصير وترغيب، ويبقى الجهاد أهم حافز لحمل الشعب الجزائري السلاح لمقاومة المستعمر .

مذكرة تخرج – جامعة تيارت-