البعد الديني في الثورة الجزائرية.. وَأْمرْهمْ شورَى بَيْنَهمْ

البعد الديني في الثورة الجزائرية.. وَأْمرْهمْ شورَى بَيْنَهمْ

إن البعد الديني كان متجليا في الثورة التحريرية من حيث التنظيم والتسيير على الصعيد السياسي، فمن يمعن النظر في المجال السياسي، يجد أن الثورة قد اعتمدت نظام الحكم والقرار الجماعيين تكريسا لمبدأ الشورى قال تعالى” وَأْمرْهمْ شورَى بَيْنَهمْ ” وأيضا “وَشاَوِرْهمْ فِي الْأَمْر”، وهذا ما جسده مؤتمر الصومام على الميدان بفضل إعادة هيكلة الثورة من الناحية السياسية والإدارية على نحو من التنسيق والانسجام بين المؤسسات  المستحدثة ” المجلس الوطني للثورة، لجنة التنسيق والتنفيذ ” والتي تحولت فيما بعد إلى الحكومة المؤقتة كما أن إحياء مفهوم الأمة من جديد كموروث حضاري بعد ظهوره عقب الاحتلال فربطت الثورة نفسها بالعالميين الإسلامي والعربي إضافة إلى البعد مغاربي، وهذا من أجل تكريس النظرة الشمولية لوحدة الوطن أرضا وشعبا ولغة ودينا ومصيرا. كما اعتمدت الثورة على اقتصاد المجتمع والتزمت بترشيد النفقات، ونبذ الإسراف والتبذير وضبط التسيير المالي والاقتصادي بإحكام، والعمل على استغلال كل الطاقات والوسائل المتاحة لدى الفئات الشعبية ووضعها في خدمة القضية الوطنية المتمثلة في الحرية وتحقيق الاستقلال التام، كما أن مؤتمر الصومام هو الذي أقر بأولوية إشراف الهيئة السياسية على الهيئة العسكرية، تأكيدا لهدف الثورة والذي هو هدف سياسي وأن العمل العسكري ما هو إلا وسيلة لفرض الإدارة السياسية وبذلك لا يمكن فصل الغاية عن الوسيلة. إن الحركة السياسية اعتمدت على الكفاح السياسي لبلوغ غايتها وتجنيد الشعب حول برامجها، فإن الحركة الدينية التي مثلتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مهدت السبيل باعتماد أسلوب الإصلاح الديني والاجتماعي الذي هيأ الأسقف لانصهار في الحركة السياسية، عن طريق التربية والتعلم والتكوين ، وبناء المساجد، والنوادي، والمدارس، وإحياء المقومات الذاتية للشخصية الجزائرية، وربط الجزائر بمحيطها العربي الإسلامي الذي أراد الاستعمار انتزاعها منها، وبهذه العناصر تكون الوحدة الوطنية مصونة راسخة، ويكون الجهاد واجبا قائما، فيكون بإذن الله الانتصار.

 

مذكرة تخرج – جامعة تيارت-