عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء” رواه أحمد. يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: قال العلماء رحمهم الله: دل الحديث على أنه يستحب للرجل إذا استيقظ لصلاة الليل أن يوقظ لها امرأته، ويستحب للمرأة إذا استيقظت لها أن توقظ زوجها، وقد كان السلف رحمهم الله يحرصون على ذلك، قال أبو عثمان النهدي: تضيفت أبا هريرة سبعًا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثًا؛ يصلي هذا ثم يوقظ هذا.
الفائدة الثانية: يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ألا نكتفي بالخير لأنفسنا، بل ينبغي لنا أن نتعاون لبث الخير للناس، وأخص الناس بالخير أهل الإنسان وقرابته، ومنهم الزوجان فيما بينهما، فإذا كان المستيقظ الزوج، فلا يحرم زوجته من الخير الذي وُفِّق له، فيستحب له أن يوقظ زوجته لتشاركه ما هو فيه من الخير والمناجاة، وإن كان المستيقظ الزوجة، فلا تحرم زوجها من الخير الذي وُفِّقت له، فيستحب لها أن توقظ زوجها ليشاركها ما هي فيه من الخير والمناجاة، وهذا مصداق قول الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ” التحريم: 6.
الفائدة الثالثة: إن لتعاون الأسرة على الخير آثارًا حميدة في الدنيا والآخرة، ويكفي في آثاره الحميدة أن نستمع إلى قول الله تعالى ” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ” التوبة: 71، فما وعدهم الله تعالى؟ وماذا أعد لهم؟ اسمع إلى قول الله تعالى بعد هذا: ” أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” التوبة: 71، وهذا يطابق الحديث الذي بين أيدينا: “رحم الله رجلًا..ورحم الله امرأة”، فقد تطابقت النصوص الشرعية على حصول رحمة الله تعالى للأسرة المتعاونة على الخير.