أنوار من جامع الجزائر

التواصيَ بالحق والتواصِيَ بالصَّبْرِ – الجزء الثاني والأخير-

التواصيَ بالحق والتواصِيَ بالصَّبْرِ – الجزء الثاني والأخير-

الحَمْدُ للّهِ وَكَفَى، والصَّلَاةُ على النّبيِّ المُصْطَفَى، ومَنْ بِآثَارِهِ اقْتَفَى، وبعَهْدِ اللّهِ وَفَّى، وسَلَامٌ على عبَادِهِ الذينَ اصْطَفَى وبعدُ: عبادَ الله: إن من أجْمَلِ ما نتناصحُ به في يومنا هذا التواصيَ بالحق والتواصِيَ بالصَّبْرِ.

– فاتقوا الله عبادَ الله في أُسَرِكُم، وأصْلحُوا ذَاتَ بينكُم، وقومُوا بواجباتكُمْ، قبلَ أن تطَالبُوا بحقُوقِكُم. فإنَّ الأسرةَ نواةُ المُجْتَمَع، إذا صَلَحَت صلَحَت الأمَّةُ، وإذا فَسَدَت فسدَتِ الأُمَّةُ.

– واتقُوا اللهَ أيُّها الأزواجُ في زوجَاتكُم، فقد أخَذتمُوهُنَّ بميثَاقِ اللهِ الغلِيظِ، أحْسِنُوا عِشرَتَهُنَّ، واسْتَوصُوا بهِنَّ خيرًا، فقدْ قالَ صلى الله عليه وسلم كمَا عندَ التِّرمذيِّ من حديث عائشةَ رضيَ الله عنهَا: “خيرُكمْ خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنَا خيرُكُمْ لأَهْلِي”.

– واتَّقينَ الله أيَّتُها الزوجَاتُ في أزواجِكُنَّ، احفظْن عرضَكُنَّ، وصَلِّين خمسَكُنَّ، وصمْنَ شهرَكُنَّ، وأطِعْنَ بعُولَتَكُنَّ، تدخُلْن جنَّةَ ربِّكُنَّ، من أيِّ الأبوابِ شئتُنَّ، قالَ صلى الله عليه وسلم كما عنْدَ الترمذيِّ من حَدِيثِ أبي هُرَيْرةَ: “لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسْجُدَ لأَحدٍ، لأمرْتُ المرْأةَ أن تَسْجُدَ لزوجِهَا، لعظَمِ حقِّه علَيْها”.

– واتقُوا اللهَ أيُّها الآباءُ في ذرِّيَّتكم، فهيَ أمانةٌ حُمِّلتم مسْؤوليَّتَها، أَحْسِنُوا تربيةَ أبنَائكُم وتعليمَهُم وأَدَبَهُم، فإنَّهم قرَّة أعينٍ لكم في دنيَاكُم، وذخرٌ لكُم في أخرَاكُمْ، فقد قال عليه السلامُ: “إذَا ماتَ ابنُ آدمَ انقطَعَ عملُهُ إلا منْ ثلاثٍ: وعدَّ منهَا: وولدٍ صالحٍ يدْعُو لَهُ”.

– واتقُوا اللهَ أيُّها الأبناءُ في آبائكُم، بِرُّوهُم، وأحسنُوا إليهِم، وكونُوا صدقَةً جاريةً عليهِمْ.

– واتَّقُوا اللهَ أيهَا المؤمنونَ في رحِمِكمْ، أحسنُوا إليهمْ وصلُوهُم بالهَدَايا والعطايَا، واغسِلُوا أفئدَتَكُم ممَّا علِقَ بها من شَوائبَ وضغائنَ، فإنَّ القلبَ الأسودَ لا عيدَ لهُ ولا فرْحةَ، واعلَمُوا بأنَّ الرَّحمَ معلَّقةٌ بعرشِ الرحمَن، تجْأرُ إلى الله: “يا ربِّ صلْ منْ وصلَنِي، واقْطَعْ منْ قَطَعَنِي”.

عباد الله: إني داع فأمنوا. اللّهمّ لا تَدَعْ لنا في هذا المَقَام ذَنْبًا إلّا غفرْتَهُ، ولا هَمًّا إلا فَرَّجْتَهُ، ولا دَيْنًا إلّا قَضَيْتَهُ، ولا مريضًا إلّا شَفَيْتَهُ، ولا عَدَوًّا إلّا خَذَلْتَهُ وقَصَمْتَهُ، اللّهمّ انْصُرْ مَن نَصَرَ الدّينَ، واخْذُلْ من خَذَلَ المسلمين. اللّهمّ إنّا نَسْألُكَ الإصلَاحَ في الوَلَدِ، والعَافِيَةَ في الجَسَدِ، والأَمْنَ في البَلَدِ. اللهم اجعلْ بلدنَا هذَا آمنا مطمئنا وسَائرَ بلَاد المُسْلمين.

اللهُم وفقْ إمَامنَا لمَا فيه صلاحُ البلَاد والعبَاد، اللهُم احفظْ حاكمَ البلَاد بحفظكَ، واكلأْهُ بكَلَاءتكَ، وأيدْهُ بتأييدكَ. اللّهمّ خُذْ بِيَدِ إخوَانِنَا الفلسطينيين إلى البِرِّ والتَّقَوى، اللّهمّ أَطْعِمْ جَائِعَهُمْ، وَاسْتُرْ عَارِيَهُمْ، وأَمِّنْ خَائِفَهُمْ، وتَقَبَّلْ شَهِيدَهُمْ، وانْصُرْهُمْ على عَدُوِّك وعَدُوِّهِمْ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. تقبلَ الله منَّا ومنكُم صالحَ الأعمَالِ، وغفَرَ اللهُ لنا ولكُم سيءَ الفعَال، وعيدُكُم مباركٌ، وكلُّ عامٍ وأنتُم بخيرٍ.

 

الجزء الثاني والأخير من خطبة الجمعة من جامع الجزائر