التيزانة، الزعتر وأوراق الكاليتوس في أهم الوصفات… هروبا من مصاريف الطبيب والأدوية “جزائريون يواجهون الزكام بالأعشاب الطبيعية”

التيزانة، الزعتر وأوراق الكاليتوس في أهم الوصفات… هروبا من مصاريف الطبيب والأدوية “جزائريون يواجهون الزكام بالأعشاب الطبيعية”

يرتبط حلول فصل الشتاء والتقلبات الجوية التي يعرفها بانتشار مرض الأنفلونزا الموسمية أو الزكام كما هو شائع، ومن أعراض هذا المرض انسداد الأنف والسعال والحمى، ما يؤدي إلى فشل كلي في الجسد، وبعد أن

زارت موجة الزكام هذه العديد من البيوت الجزائرية، سارع أغلبيتهم إلى محلات العطارة، بحثا عن الدواء الشافي من الأعشاب الطبيعية المفيدة لمقاومة هذا المرض.

وتتربع عشبة التيزانة على رأس قائمة أشهر الأعشاب المقاومة للزكام، هذه التي لم يعد بيعها يقتصر على محلات العطارة فقط، بل غزت حتى الصيدليات، إلى جانب أوراق الكاليتوس، الذي يفيد بخوره كذلك في القضاء على الفيروس، و الذي كثيرا ما يدخل في التركيبة الكيماوية لبعض الأدوية، و كذا عشبة الزعتر، الذي عادة ما تعتمد عليه ربات البيوت في مواجهة المرض.

 

بحث عن الاستطباب الطبيعي في محلات العطارة

نزلنا إلى بعض من محلات بيع الأعشاب الطبيعية بشوارع العاصمة، التي لاحظنا الإقبال الكبير عليها من قبل المواطنين الباحثين في أغلب الأحيان عما يخفف عنهم القليل من حدة الزكام، بعدما ملوا من الأدوية التي كثيرا ما لا تنفع، بعد تغلغل المرض في أجسامهم، إذ أنه من المعروف أن الأنفلونزا، تواجهها الأدوية في بدايتها فقط أي قبل استفحالها. وجهتنا كانت سوق بن عمار المعروف بانتشار دكاكين بائعي مواد الاستطباب الطبيعي، أين التقينا بالسيدة حياة (41 سنة)، التي كانت بصدد شراء بعض أوراق الكاليتوس، أخبرتنا أنها عمدت سنويا إلى التزود بالأعشاب الطبيعية، وخاصة نبات الكاليتوس، باعتباره مفيدا و واقيا من الإصابة بالزكام، و قد وقفت على جدواه كل سنة، إذ أنها تقوم بتبخيره في المنزل، و بهذا ضمنت عدم تعرض أبنائها للزكام، وهو نفس ما ذهبت إليه السيدة نادية (37 سنة)، التي قالت بأن الأعشاب الطبيعية لها فوائد كثيرة، خاصة تلك التي توارثت عن الأجداد، الذين كانوا يستعملونها منذ القدم، إلى جانب أنها لا تكلف كثيرا، على خلاف زيارة الطبيب، التي يتكبد المريض فيها مصاريف جمة، بداية من الفحص، ذهابا إلى الدواء الذي كثيرا ما لا ينفع في مثل هذه الحالات، وهو ما أكده السيد عبد المالك (55 سنة)، صاحب محل للعطارة بساحة أول ماي، الذي قال بأنه و في الوقت الراهن، يفضل العديد من الناس العلاج عن طريق الأدوية الطبيعية، سواء الزكام أو أي أمراض أخرى، و تكون الدوافع مللهم من المواد الكيماوية التي تتشبع بها الأدوية، إلى جانب مصاريف زيارة الطبيب، خاصة في ظل الأوضاع المادية الصعبة التي تعيشها معظم الأسر الجزائرية.

 

التيزانة أكثر المشروبات طلبا من قبل زبائن المقاهي مع حلول فصل الشتاء

يلجأ العديد من رواد المقاهي، من شباب و كهول وحتى الشيوخ، إلى طلب مشروب التيزانة، باعتبارها مشروبا ساخنا يدفئ ويريح ولو بقسط قليل جسم الإنسان، ويحرص الكثيرون على أن تكون أول ما يعتمدون عليه لعلاج مختلف الأمراض المتعلقة بالبرد، مع إضافة قطعة من الليمون إليها، ولا يستغني الكثير من كبار السن تحديدا عن هذا المشروب الدافئ، حيث يقول السيد حميد (56سنة): “لقد تربينا منذ أجيال على هذا المشروب في أيام البرد وأيام المرض، خاصة وأنها ليست غالية الثمن، حيث لا يتجاوز سعرها الـ20 دينارا، ولذلك فهي تستهلك بكثرة في فصل الشتاء، ويضاف إليها بعض الأعشاب كالبابونج مثلا، أو قطع من الليمون، أو بعض الأعشاب والنكهات الأخرى لإعطائها أذواقا محببة، ونكهات مختلفة”.

 

شباب بطال يستغل الوضع ويحول طاولاته الموسمية لبيع الأعشاب

ولم يعد بيع الأعشاب الطبيعية، يقتصر فقط على المحلات، بل أصبح هو الآخر تجارة امتهنها بعض الشباب العاطلين عن العمل، مستغلين بذلك ميل الجزائريين إلى المداواة الطبيعية، فغزت طاولات بيع الأعشاب الطبيعية الأرصفة والممرات العلوية و السفلية للعاصمة. سفيان (23 سنة)، هو أحد الشباب الذين وجدوا في تجارة الأعشاب الطبية ، حلا مناسبا له لمواجهة هاجس البطالة الذي يلاحقه، فبعد الأدوات المدرسية في الدخول الاجتماعي ولوازم النحر أيام عيد الأضحى المبارك، ها هو اليوم و على غرار العديد من الشباب، يحول طاولته المتنقلة إلى بيع التيزانة و الزعتر و الشيح و غيرها من الأعشاب الطبيعية التي يلجأ إليها الجزائريون لمواجهة الأمراض التي تزامن حلول فصل الشتاء و برودة الطقس، أخبرنا سفيان أنه يتحصل على هذه الأعشاب من مصادر مختلفة، فبعضها تأتيه من بعض أصدقائه و أقاربه المقيمين في الأرياف، كنبتة الزعتر والشيح، وأخرى يقوم بشرائها من عند بعض العطارين، وأخرى يغرسها في منزله حتى يقوم ببيعها، كعشبة التيزانة.

 

الأطباء ينصحون بعدم الاعتماد كثيرا على هذه الأعشاب خاصة لذوي الأمراض المزمنة

أوضحت الدكتورة نسرين ياحي طبيبة عامة، أنه وبالرغم من أن الأعشاب هي المثال الواضح للرجوع إلى الطبيعة، إلا أنها من الممكن أن تتسبب ببعض أعراض الحساسية، التي قد تظهر مع أول استخدام للعشبة في صعوبة التنفس، و في بعض الأحيان التسمم إذا تم أخذها بجرعات كبيرة، و عليه لا يجب التأكد دائما أنه من الضروري أن الأشياء الطبيعية دائما تعني الأمان، حيث أن الدلائل تشير إلى أن هناك بعض أنواع الأعشاب المعروفة في الأوساط الشعبية، لها آثار سلبية خطيرة. خاصة أن الكثير من هذه الأعشاب، تستهلك من قبل عامة الناس، دون إخضاعها للتجارب قبل طرحها في الأسواق، بخلاف الأدوية الطبية، التي تجرى عليها الرقابة من قبل وزارة الصحة.

ومن المفروض أن يقوم المستهلك بهذه التجارب لتحديد ما إذا كانت هذه الأعشاب لها فائدة وتعود بالنفع عليه أم لا، ولكن معظم المستهلكين لا يستشيرون الأطباء في هذا الشأن. هناك العديد من المرضى، يفضلون عدم ذكر أنهم يستخدمون الأعشاب البديلة للطبيب، عند إصابتهم بأعراض جانبية منها، غير واعين بأنهم يضعون أنفسهم في مخاطر كبيرة. فالكثير من الناس، يعتمدون على بعض الأعشاب الطبية والعطرية، في القضاء على الأمراض، ولذلك فإنها تكون أول ما يعتمدون عليه ويلجؤون إليه، قبل توجههم إلى الطبيب، الذي لا يكون إلا بعد أن تصل الأمور فعلا إلى درجة لا يمكن تحملها، أو مثلما يقال بالتعبير الشعبي “يوصل الموس للعظم”. مع ذلك لا يمكن النفي بأن هناك أعشابا نافعة، ولها فعالية كبيرة وسريعة، مثل “التيزانة” التي ينصح بها لمرضى الزكام وتهدئة الأعصاب والتوتر وطرد الغازات، و يمكن استهلاكها حتى في الأيام العادية، لعدة مرات في اليوم، وقبل النوم تحديدا، نظرا لما توفره من راحة نفسية وهدوء، كما تعتبر مضادا للتقلصات المصاحِبة للتهيج العصبي، ومغلى الأوراق مفيد في علاج الاضطرابات الهضمية وطارد للرياح أما الزيت المستخلَص منها فهو مفيد لعلاج الاضطرابات النفسية وخاصة الاكتئاب والتوتر والقلق. وأضافت الدكتورة ياحي، أنه ومع ذلك ينصح أصحاب الأمراض المزمنة بعدم استهلاكها إلا باستشارة طبية لتفادي أي أعراض ثانوية ذلك أنها تستعمل للعلاج في فترة قصيرة المدى كمرض الزكام وذلك بتناول ثلاثة أكواب يوميا للتعرق والتبول من أجل طرد الفيروس والاستشارة الطبية تبقى ضرورية، كما لا يمكن الاعتماد على هذا المشروب، لأجل معالجة أمراض كالزكام والأنفلونزا، سيما إن كان المرض في مراحل متقدمة، تستدعي الاستشارة الطبية وتناول بعض المضادات الحيوية.