الجزائريات.. خطوات متتالية نحو تغيير الواقع وتحقيق المكانة والتميز

ككل سنة، وتحديدا، في كل ثامن مارس، تحتفل المرأة في العالم بأسره، باليوم العالمي المخصص لها، ويتعلق الأمر باليوم العالمي للمرأة أو عيد المرأة.

وبما أن المرأة الجزائرية من النساء في العالم، اللاتي يحتفلن بالمناسبة، ويجعلنها فرصة لعرض مجهوداتهن ونماذجهن الفكرية في مختلف المجالات والميادين، خاصة وأن المرأة كانت تعاني في وقت ما من التهميش ومن تضييق صلاحياتها ومهامها

ومجالات شغلها، التي كانت حكرا على الرجل، وهو ما دفع بها إلى الخوض في تلك المجالات دون هوادة، من أجل إثبات ذاتها داخل مجتمعات لطالما وُصفت بالذكورية، وفتح المجال واسعا أمام شقيقاتها النسوة من أجل مواصلة الدرب بهدف تحقيق و تجسيد المساعي النبيلة والهادفة وكسر مقولة “المرأة للبيت و فقط…” وتحويله إلى شعار أكثر شساعة “أينما وضعت المرأة تجدها…”.

 

8 مارس… المرأة تحدّت القهر فصنعت الحدث ودخلت التاريخ

يعتبر الثامن من مارس فرصة لإبراز أوضاع المرأة عبر العالم ومستوى التقدم الذي أحرزته عن طريق تعزيز مكاسبها المشروعة في هذا اليوم، حيث يحتفل عالميا بالإنجازات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية التي حققها الجنس اللطيف في الكثير من المناسبات، كما تحصل المرأة في بعض الدول على إجازة في هذا اليوم.

 

الإستثمار.. مجال يبرز نجاح المرأة الجزائرية وتحدياتها

تحظى المرأة الجزائرية حالياً بمكانة هامة في المجتمع الجزائري، الذي لطالما سيطرت عليه فكرة أن مكان المرأة هو في البيت، والسهر على راحة الزوج والأبناء والقيام بشؤون العائلة، وأسهمت المرأة الجزائرية في العديد من الإصلاحات، التي عرفتها أخيراً مختلف القطاعات ببلدنا، وتمكنّت المرأة من اكتساح جميع الميادين التي ظلت إلى وقتٍ قريب تحت سيطرة الرجال.
ومن بين المجالات التي برزت فيها المرأة الجزائرية، مجال قطاع الأعمال، وأثبتت المرأة كفاءتها في هذا القطاع منذ دخول البلد في نظام اقتصاد السوق، وفتح المجال للاستثمارات الخاصة في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

القضاء على التمييز بين الجنسين

يعود الفضل الكبير في ذلك إلى مصادقة الجزائر سنة 1996 على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”، كما اعتمدت الدولة الجزائرية على مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية والسياسيّة، لإدماج المرأة في عملية التنمية الاقتصادية.
لكن ومع ذلك، رأت رئيسة “المرصد الجزائري للمرأة”، السيدة شائعة جعفري، أنَّ المرأة الجزائريَّة وعلى الرغم من تشكيلها لنسبة تقارب الـ 50% من المجتمع الجزائري، إلا أن تواجدها في القطاع الاقتصادي يبقى محتشما، خاصة في مجال الأعمال العمومية الذي لا يزال يشهد إقبالاً ضعيفاً للمرأة، كالمصارف والبورصة وقطاع المحروقات.

64  بالمائة من المشاريع المصغرة منحت للنساء

قالت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، كوثر كريكو، إن “64 بالمائة من مجموع المشاريع المصغرة منحت للنساء، لتكون لوكالة تسيير القرض المصغر الريادة في احتضانها”.

وفي إطار دعم المرأة الماكثة في البيت، أكدت السيدة كريكو أنه “تم ضبط برنامج عمل وطني لتحقيق هذا المسعى من خلال التنسيق الحكومي، تجسيدا لمسعى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، القاضي بتعزيز جهود الحكومة في تدعيم مختلف الآليات لتشجيع المرأة الماكثة بالبيت على الانخراط في مسار الإنتاج الوطني”.

وتم في هذا الإطار -تضيف الوزيرة – “إجراء عدة زيارات ميدانية عبر مختلف ولايات الوطن لرصد احتياجات المرأة والاطلاع على أهم النشاطات التي تقبل عليها باختلاف خصوصية كل منطقة، والاستماع لانشغالاتها الرامية الى ترقية ابداعاتها، إلى جانب توفير لها فرص التكوين لتحقيق الاحترافية والتقنية في تسويق منتوجاتها، مرورا بسياسة تحسيسية واعلامية محكمة للتعريف بآليات الدعم التي توفرها الدولة في هذا الاطار على مستوى كل القطاعات”.

 

العمل الحر.. الخيار المستقبلي

وفي السنوات الأخيرة، توجّهت القوى العاملة النسوية إلى العمل الحُر الريادي كخيار وظيفي مُستقبلي، ما ساعد في توفير فُرص للعاطلات من العمل والنساء من ذوي الدخل المنخفض، إذ أصبحنا نسمع بالمرأة التاجرة ومالكة المشروع والمرأة المنزلية المنتجة، مستخدمة “السوشيال ميديا”، كعامل مساعد في توسيع الدائرة وتشبيك العلاقات مع الهيئات والعملاء.

وفي هذا السياق، تقول صاحبة إحدى المبادرات لينا. رزقي إنّ المرأة الجزائرية “تتسم بالذكاء، وهي تعي ضرورة تطوير مهاراتها للذهاب بمشاريعها نحو أفق أوسع، مما هي عليه حالياً”. وتُضيف: “من خلال احتكاكنا ومرافقتنا لصاحبات مشاريع، لمسنا أنّ المرأة الجزائرية بدأت تفرض نفسها في مجال ريادة الأعمال، لكن هناك فئة معينة من النسوة لديهن الخوف من المغامرة ويضعنَ احتمالات الخسارة نصب أعينهنَ، إذ تعتبر المرأة من أكثر المتحفظين تجاه المخاطر المالية”.

وعلى رغم ذلك، ترصد رزقي طموح نساء للرقي بمشاريعهن، متحديات كل الصعاب التي تواجههن، وتقول: “حان الوقت لأن تتغير نظرة المجتمع للمرأة التي يمكنها أن تكون رائدة أعمال وسفيرة للجزائر في المحافل الدولية”.

 

طموح نحو أسواق عالمية

في السياق ذاته، تقول الحرفية الجزائرية فدة سمية: “أريد أن أرى مصنوعات مؤسستي “دار حبيبة” في المعارض المحلية وحتى الدولية، والتعريف بالمنتج الجزائري، لأنها تستحق ذلك”. وتنجز فدة تشكيلات فنية جميلة من اللوحات التزيينية المصنوعة باليد، والصناديق الخشبية الصالحة لاستعمالات عدة، إضافة إلى أدوات للديكور. ولهذا تطمح إلى اقتحام الأسواق الخارجية وأن تكون سفيرة للجزائر للتعريف بموروثها الثقافي المادي.

وتقول السيدة سمية: “يجب إعطاء أهمية للمرأة صاحبة المشاريع وتحفيز النساء على اقتحام هذا المجال”، فالمقاولة تسمح بالإستقلالية والانفتاح على المحيط والاحتكاك بتجارب الآخرين.

والجدير بالذكر أن اهتمام نساء جزائريات بالمشاريع، يركز في الجانب الآخر على الجودة وصحة الزبون، وهو ما تسعى لتجسيده السيدة آسيا التي تقول إنّ مهنتها كصانعة حلويات احترافية تقليدية وعصرية حفزتها على التوجه نحو الصناعات الغذائية وبدرجة أدق صناعة الشوكولاتة الصحية باستخدام مواد طبيعية ترتكز على زيت الزيتون وسكر طبيعي ومن التمر ومواد أخرى.

 

مستثمرات حولن نشاطهن العائلي إلى استثمار مربح

قالت السيّدة ذهبية عباس من جهتها صاحبة الماستر في تسيير المؤسسات، إنها استطاعت أن تطور فكرة استثمارية بسيطة إلى مؤسسة عائلية ناجحة في الجزائر، تختص في استخلاص الزيوت النباتية المختلفة.

وأشارت عباس إلى أنها وجدت كلّ التسهيلات اللازمة من قبل الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، حيث منحتها قرضاً مالياً معتبراً، وقد مكّنها القرض من الانطلاق في مشروعها سنة 2011، وطورّت مشروعها لاحقاً برفقة أختيها، وأضافت ذهبية أنها لاقت في بداية مشوارها الاستثماري صعوبات وعراقيل مختلفة أغلبها اجتماعية. وأكّدت أنَّها تخطت هذه العراقيل بفضل إرادتها القوية.
وأشارت إلى أنَّ الدعم المالي للوكالة لا يكفي، بل يحتاج الاستثمار إلى إرادة قوية أيضاً، وهي الإرادة التي جعلتها تطور مع أختيها فكرتها الاستثمارية من معصرة بسيطة لزيت الزيتون، إلى مؤسسة مصغرة لصناعة الصابون الطبي التقليدي الذي يستعمل لمختلف أنواع البشرة، بالإضافة إلى مستحضرات زيوت التجميل التقليدية. وقد صنعت ذهبية مكانتها في السوق الوطنية، وحصلت على عقود بتعاملات كبيرة مع العديد من الصيدليات.

 

لمياء بن دعاس

الرابط