العالم يحيي اليوم العالمي لمرضى الداء الخبيث

الجزائر.. مساعٍ جادة للتصدي لمرض السرطان

الجزائر.. مساعٍ جادة للتصدي لمرض السرطان
  • سياسة وقائية وتضافر للجهود


 

يتحد العالم بأجمعه في الرابع من فيفري من أجل مكافحة وباء السرطان، حيث يتم السعي إلى إنقاذ الملايين من الوفيات من خلال زيادة وعي الأفراد والحكومات في جميع دول العالم.

تولي الجزائر أهمية بالغة للتصدي لانتشار الداء الخبيث، حيث يرتكز المخطط الوطني الذي وضعته الجزائر لمكافحة مرض السرطان 2023-2030 على الوقاية باعتبارها عاملا محوريا في مكافحة هذا الداء ومسبباته.

 

سياسة وقائية

ترتكز السياسة الوقائية التي تعتمد عليها الجزائر في مكافحة داء السرطان على ضرورة التحسيس بأهمية التغذية السليمة وممارسة النشاط البدني ومحاربة التدخين، وتعتزم الدولة الجزائرية التغلب على هذا المرض الخبيث ومكافحته، الأمر الذي يستدعي تضافر جهود الجميع.

 

قاسمي سامية لـ “الموعد اليومي: “أبوابنا مفتوحة للمرضى القادمين من المدن الداخلية للعلاج

أوضحت رئيسة جمعية “نور الضحى” لمساعدة مرضى السرطان، سامية قاسمي في حديثها مع “الموعد اليومي” أن حالة التكفل بالمصابين بالسرطان في الجزائر ولا سيما سرطان الثدي تعرف تحسنا واضحا فيما يخص توفير العلاج الكيميائي والإشعاعي، ولم تعد المواعيد بعيدة كالسابق. أما فيما يخص نشاطات الجمعية، فقالت السيدة قاسمي إنها تعمل طوال السنة على التحسيس والكشف المبكر تجاه أمراض السرطان، فكل شهر من السنة يُعنى بنوع معين من السرطان، ففي نوفمبر تتم التوعية بسرطان الرئة وفي مارس سرطان القولون، وشهر أكتوبر كما هو معروف شهر التوعية بسرطان الثدي، ونعمل على التوعية خصوصا في المناطق النائية ومناطق الجنوب الجزائري، وذلك لنشر الوعي تجاه هذه الأمراض، خصوصا وأن الخوف من اكتشاف الإصابة بالسرطان كثيرا ما يتسبب في تأخير العلاج، حيث تخفي النساء الأعراض التي تعاني منها ولا تقمن بزيارة الطبيب حتى تصلن إلى حالة متقدمة من المرض ويصبح الشفاء منه صعب المنال.

هي السيدة سامية قاسمي رئيسة جمعية “نور الضحى” لرعاية مرضى السرطان الوافدين من المناطق الداخلية للوطن، حيث توفر لهم الإقامة والنقل إلى الهياكل الصحية المعالجة.. تطوعت ووهبت نفسها للعمل الخيري، كما قالت، لا تبتغي جزاء ولا شكورا إلا العمل لدار الفناء والخلد متمنية أن تلقى خالقها وهو راض عنها.

وعن تسمية جمعيتها، تقول السيدة قاسمي في حديث خصت به “الموعد اليومي”، إن جمعيتها “نور الضحى” لرعاية مرضى السرطان تأسست في 26 سبتمبر 2002 وكانت فكرتها الخاصة واختارت التسمية لأنها قبل أن تؤسس الجمعية كانت تمر على المرضى في “بيار وماري كوري” كل يوم في وقت الضحى وتقدم لهم فطور الصباح الذي تجلبه معها وتشجعهم على صلاة ركعتين لله في وقت الضحى حتى تعوّد عليها المرضى وأصبحوا يستعدون للصلاة بمجرد رؤيتها ومن لم تكن تسمح له حالته الصحية بالقيام والوضوء يصلي في مكانه جالسا أو بعينيه، ومن هنا تبادرت إليها التسمية عندما أسست الجمعية.

وتقول السيدة قاسمي: “كنت أعمل كمساعدة طبية وألتقي العديد من المرضى في المصالح الخاصة قادمين من مناطق بعيدة جدا عن العاصمة، سيما من جنوب الوطن، حيث يصلون في أحيان كثيرة في وقت متأخر من اليوم ولا يوجد مكان يأويهم وأغلبهم مرضى لا يملكون الإمكانيات المادية للتكفل بمصاريف الفندقة والنقل، لذا فكرت في طريقة تساعدهم على العلاج براحة وطمأنينة، اقترحت الفكرة على البروفيسور كمال بوزيد فشجّعني وأثنى على المبادرة”.

وتهدف الجمعية بالأساس إلى الكشف المبكر عن السرطان مهما كان نوعه من خلال تنقل أعضائها إلى كل بقاع الوطن مهما بعدت رفقة فريق طبي يتكفل بمتابعة الحالات أو عند اكتشاف بعض الحالات، فإن الطبيب الذي يكتشف المرض هو من يواصل علاج المريض في الجزائر العاصمة أو في الولايات الأخرى، حسب ما أكدته رئيسة الجمعية.

 

توفير المأوى كان أول أولوياتنا

قالت السيدة قاسمي إن توفير مأوى للمرضى ومرافقيهم القادمين من مدن الجنوب والمدن الداخلية للوطن كان من أولوياتها، فهناك بعض الحالات من يأتون بلا ملبس أو غذاء ولا يعرفون حتى أين يبيتون، ولهذا فالجمعية توفر لهم كل ما يحتاجونه في ظروف مريحة وحفاظ تام على سرية المريض، حسب ما أكدته لنا المقيمات لدى جمعية “نور الضحى”.

كما تقوم الجمعية وعلى رأسها السيدة قاسمي بالمتابعة الصحية للمرضى النزلاء عندها، سواء عند أطباء الجمعية أو أخذ مواعيد في المصالح الاستشفائية.

 

سيناريوهات أليمة نتقاسمها مع المرضى

بتأثر بالغ ودموع غزيرة تحدثت السيدة قاسمي عن تجربتها مع المرضى ليس من السهل أبدا معايشة الكثير من الحالات، بعضها يشفى وبعضها يرحل إلى دار البقاء، فليس سهلا أبدا رؤية المرضى يتألمون ويودعون، لكن المسيرة تتطلب الصلابة والاستمرارية وعن هذه الذكريات الأليمة تقول السيدة قاسمي: “ليس سهلا أبدا.. فحين أكون وحدي أسترجع شريط الأحداث كاملا وأعيد رؤيتها في مخيلتي تمر عليّ كأنها فيلم درامي حزين لا أتمالك نفسي، فتعبر دموعي عن ألمي وحزني خاصة بعض الحالات التي نتعلق بها كثيرا ويطول بقاؤها معنا”.

وتستحضر رئيسة جمعية “نور الضحى” في هذا الصدد وفاة حالتين بالجمعية دفنتا بالعاصمة وتم القيام بمراسم الجنازة والإطعام وكأنهم بين أهلهم وتأثر الجميع لما حدث، حيث توالت المساعدات وتم توفير كل الضروريات في مثل هذه الحالات.

 

المرضى يثنون على خدمات الجمعية

وبشهادة العديد من المرضى المقيمين عند دار “نور الضحى”، فإن ما يتم توفيره لهم من أكل ونقل وتكفل صحي يضاهي ما يحظون به في بيوتهم وبين أهلهم، وأحيانا يفوق والفضل في هذا، تقول السيدة قاسمي، يعود بالأساس إلى بعض المحسنين الشباب الذين يجودون بمختلف المواد الغذائية التي نعتمد عليها وحتى بعض المطاعم التي تخصص وجبات يومية للمرضى في سبيل الله.

 

الناس بحاجة لـ “صندوق المرضى” للتكفل بصحتهم

اقترحت السيدة قاسمي على المسؤولين والمحسنين إنشاء “صندوق المرضى”، لأنها تراه ضروريا جدا للتكفل بالمرضى، فالمواطن حسبها لا يمكن أن يموت جوعا لأنه سيجد حتما ما يأكله، لكنه سيموت من مرضه إذا لم يتمكن من العلاج والقيام بالفحوصات والأشعة اللازمة .

 

لكل طبيب تخصصه

وبلهجة صارمة طالبت رئيسة جمعية “نور الضحى” الأطباء العامين باحترام تخصص كل طبيب، فإذا وجد الطبيب العام أن مريضه لم يتحسن، عليه توجيهه للطبيب المختص قبل أن تتفاقم حالته ويفوت الأوان.

 

توعية المرأة نقطة هامة ومحورية

اعتبرت السيدة قاسمي أن توعية المرأة نقطة هامة ومحورية، لأنها هي محور الأسرة وهي المسيرة لمختلف شؤونها، وإذا رغبت في حسن تسيير شؤونها، عليها أن تهتم أولا بنفسها لأنها إن لم تفعل ذلك، خسرت صحتها وعائلتها أيضا.

لمياء بن دعاس